بقلم : إسماعيل المطيرعندما أقول شدُّوا الأحزمة قد لا يخطر ببالكم سوى شد حزام الأمان الذي يشدُّ في السيارات والطائرات عند السفر، ولكنَّني في الحقيقة أعني شدَّ الحزام على البطن عند ضيق الحال لمقاومة الشعور بالجوع، فقد بدأت ينابيع الدعم تجف شيئاً فشيئاً بعد أربع سنوات مضت من عمر الثورة التي مازالت في بداية الطريق.هم لا يريدون للثورة أن تنتصر، وعندما أقول: “هم” فإنَّني أعني الجميع ما عدا ثوار الخنادق في الداخل السوري.وحتَّى ثوار الخنادق حائرون، لا يدرون كيف ينتصرون بلا دعم، وهم مرتبطون قسراً بمن لا يريد انتصارهم.صحيح أنَّ للنظام من يدعمه دعماً لا محدوداً، ولكن داعميه الأساسيين روسيا وإيران يدعمونه من منطلق متين، وهو أنَّ المسألة بالنسبة إليهما مسألة وجود، على عكس من يدعون دعم الثورة فهم في الحقيقة يدفعون لثوار “الفنادق” أجرة استعمالهم كأدوات بلاستيكية من أجل تقاسم الكعكة السورية والتهامها، ثم ترمى في الحاوية بعد أن تتم المهمة في طريقها إلى مزبلة التاريخ.ثوَّار الفنادق هؤلاء هم أكبر المستفيدين من طول مدة الحرب، ولا همَّ لهم سوى ملء جيوبهم وبطونهم وحتَّى مؤخراتهم بالمال، ولا يأبهون لشتائم أجيال المستقبل، كل ما يأبهون له هو كيفية اقتسام دم الشعب السوري ورغيف خبزه وقارورة مائه، وليذهب بعدها ذلك الشعب إلى الجحيم.قطعوا الدعم عن معظم المؤسسات “الثورية” في الداخل السوري، الدعم الذي هو فتات موائدهم، وذلك لتضييق الخناق على الداخل وتجويعه لإخضاعه، مستخدمين طريقة النظام ذاتها في مبدأ الجوع أو الركوع، فحتَّى المؤسسات الداخلية كالخدمية والطبية والمجالس المحلية باتت تعاني بشكل واضحٍ من قلة المال اللازم لاستمرار عملها.فما معنى أن تُحرم مؤسسة كالمجلس الطبي -مع ما يتبع لها من مستشفيات- في حلب المحررة من رواتب العاملين منذ مدة تزيد عن خمسة شهور؟!، وما معنى أن تقطع عن المجلس المحلي في المدينة المنكوبة ذاتها كل أسباب استمرارها لمدة تزيد عن شهرين، في الوقت الذي يبتلع فيها أعضاء الائتلاف ووزراء الحكومة المؤقتة أموالاً بأرقام فلكية دون أن يقدموا للشعب أدنى خدمة؟!.لا تفسير لذلك إلَّا أنَّ ثوَّار الفنادق هؤلاء لا يريدون لنا الاستمرار في الثورة، ويريدون إفراغ المدن من الثوار ليبقى فيها من لا مشكلة لديه أصلاً مع أي طرف على مبدأ “من تزوج أمي صار عمي”.للأسف، نحن من مكَّن هؤلاء اللصوص من رقابنا بعد أن نسينا ما صدحت به حناجرنا في بداية ثورتنا “يا ألله ما لنا غيرك يا ألله”، تعلَّقنا بأذيالهم وسبَّحنا بحمدهم وهذه هي النتيجة، “ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس ممَّا لا تصنع”هذه حالنا اليوم وقد آن لنا أن نشد الأحزمة.