بقلم سعود الأحمد
خمس سنوات مرَّت على الثورة السورية جعلتها كافية لتهيئة أسباب النهوض وخوض الحرب مع الاستبداد والظلم العالمي وتحمل التبعات، وذلك بعد الجهود المضنية والعديد من التضحيات التي قدمها الشعب السوري كبيره وصغيره، فما فعله النظام من عملية القمع والتجهيل وتشتيت الأمة وتمزيق صفها ومحاربة الدين طوال سني حكمه، استطاعت الثورة أن تتجاوز تلك العقبات ومخلفات الظلم، للعودة إلى الحياة الإنسانية الكريمة ورسم خطوات النهوض والتغيير.
ولكي تصل الثورة إلى مرماها المنشود وتبقى على مسارها الصحيح لا بدَّ لها من الأخذ بعدة أسباب وعناصر رئيسة، والاجتهاد في تطبيقها بإخلاص، منها:
1-إعداد العدة الإيمانية، وشحذ نفوس المقاتلين بها وتهيئة العوامل المساعدة لخلق المناخ المؤدي إلى النصر، وهذا جانب معنوي يتحمله العلماء الربانيون المخلصون القائمون على الحق، الوقَّافون عليه، المدافعون عنه، وهنا يتأكد دور العلماء في المعركة وضرورة وجودهم إلى جانب الثورة في مختلف مجالاتها العسكرية والعلمية والدعوية، فمكان العلماء لا يقتصر على المساجد والمنابر، وكذلك لا ينحصر في ساحات القتال، فكلًّ على ثغره يجاهد ويخدم أبناء أمته ووطنه.
2-وحدة الصف: إنَّ من أخطر أعداء الثورة السورية هو التفرق والتشرذم، وهذا العدو يفتك بالصفوف فتكا جبارا، وتكون آثاره الانهزامية كبيرة، وتأتي على المدى الطويل، ولذلك فإنَّ الكثيرين لا يشعرون بخطورته، فلا يأبهون وهم يعلمون فرادى من غير دعوة إلى الوحدة والاجتماع.
ومن التفرق تولد التحزبات التي تعادي بعضها، والجماعات التي تتعصب لنفسها، ممَّا يوجد حالات مرضية وأجواء مشاحنات قد تصل بمن يحملون هدفا واحدا إلى الاقتتال فيما بينهم، ولذلك ينبغي علينا كخطوة أولى ألا نتعرض للمسائل الخلافية، وألا نتعرض لآراء العلماء واجتهاداتهم العلمية إلا بالنصح المرفق بالمحبة والود.
إنَّ هذه الفترة التي تعيشها الثورة السورية تحتاج حاجة ماسة إلى وحدة الصف ونبذ الخلاف، فالنظام السوري لا يميز في حربه علينا بين سلفي وصوفي، ولا بين معتدل ومتطرف، أو بين جماعة وأخرى، فهو واضح في قتاله وفي أهدافه، فيجب علينا أن نكون صفا واحدا آخذين بسبب مهم من أسباب النصر الذي نجده ي قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}.
3-الوقوف عند أسِّ الصراع مع العدو، وتوضيح الهدف من القتال: فمن الأهمية أن نتعرف إلى الأفكار التي تحرك عدونا وإلى الخطط والمشاريع التي يسعى إلى تنفيذها، وإلى الأهداف التي يريد تحقيقها، وهذا من شأنه أن يساعد على المواجهة والقضاء عليه.
وكذلك يجب الجواب عن سؤال، لماذا نقاتل ومن أجل من وفي سبيل من؟ لكي يكون مشروع الحق والحرية واضحا حاضرا في أهان المقاتلين، دافعا إلى الإقدام والتضحية، ولكيلا يتحول المجاهد بعد ودة من الزمن إلى قاطع طريق.
4-مجابهة الحرب النفسية التي يقودها العدو، وغزوه بأخرى أقوى منها: وهذا يعني خوض حرب إعلامية مفتوحة على صفحات الشابكة والمجلات والصحف والجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز، لدحض الشبه وكشف الحقائق وإبطال الباطل.
فالنظام السوري يعتمد مبدأ الحرب المفتوحة في أكثر من مجال، ولذلك أسَّس ما يسمى (الجيش السوري الإلكتروني) ليبدأ الحرب الإعلامية النفسية، ويحاول إحباط المعنويات وتثبيط الهمم وتفتيت القدرات، وإن اعتمد في عمله على الكذب والخداع والتزوير، ولذلك ما زال التلفزيون العربي السوري يتحدث عن الانتصارات منذ خمس سنوات من دون كلل أو ملل، ويظهر المحللين السياسيين الذين يؤكدون أنَّ (الأزمة) ستنتهي غدا أو بعد غد!
وختاماً: لا بدَّ لنا من استغلال جميع الأسباب التي توصلنا إلى النصر وإن كانت في نظرنا بسيطة ودورها ضعيف في المعركة، أو إن كانت تحتاج إلى جهود كبيرة وإعداد طويل المدى، ثم العمل الدؤوب بعد التوكل على الله عزَّ وجلَّ وحده.