علي تباب |
ما إن تخبو حتى تشتعل من جديد، إنها أزمة الغاز في مناطق سيطرة الأسد، هناك حيث أصبح الحصول على جرة غاز سواء في مدينة حلب أو في العاصمة دمشق حلماً صعب المنال مع اقتراب فصل الشتاء، لتجد في العاصمة طوابير الراغبين بشراء جرة غاز ممتدة لمئات الأمتار ينتظرون دورهم منذ منتصف الليل وحتى مطلع النهار.
نائب محافظ دمشق (أحمد نابلسي) وفي تصريح جديد، بيّن أن المحافظة تعمل على رفع عدد سيارات الغاز من 13 سيارة إلى 23 سيارة حمولة الواحدة منها 250 جرة. فيما تشير التقارير إلى أن حاجة دمشق وحدها تصل إلى 25 ألف أسطوانة من الغاز الطبيعي يوميًا إضافة إلى 3 آلاف من الغاز الصناعي.
ومع تفجر أزمة الغاز، يعود التساؤل القديم الجديد: هل الأزمة مفتعلة من قبل نظام الأسد لتطويع الشعب، أم أن نظام الأسد بات يعاني فعلاً من اختناق حقيقي يطال مصادره من النفط ومن الغاز الطبيعي؟
الباحث الاقتصادي (يونس كريم) وفي إطار إجابته لنا عن هذا التساؤل، بيّن أن أزمة الغاز والمحروقات بسورية هي أزمة حقيقية وغير مفتعلة، وقال في تصريحه لحبر: “إن نظام الأسد، ومنذ بدء الثورة السورية، نسق اتفاقاته مع قوات قسد ومع عائلة قاطرجي بحماية المنشآت النفطية الممتدة من بادية تدمر إلى الجزيرة، وتم تسليمها واستلامها بكل سلاسة ودون تخريب من الطرفين، فيما جهد (مهند الطلاع) رجل أمريكا بالتنف على حماية حقل العمر والتنك النفطيين من الوقوع بيد أي من فصائل الجيش الحر”.
وأوضح يونس: ” أن سبب تسليم نظام الأسد لحقول النفط يعود إلى التكاليف المادية الباهظة لتشغيلها، فضلاً عن كونها هدفاً مباشراً لقوى المعارضة، فعمل الأسد على تسليم تلك الحقول كإستراتيجية عسكرية كفته مغبة المخاطر، في وقت حصل فيه على نفط من العراق ومن المعونات التي كانت تقدم للمعارضة وقام بالسطو عليها، فبات يحصل على حاجته من المحروقات بسعر أقل من تكلفة إنتاجه لو أراد هو ذلك”.
وأضاف:” المعادلة بعد داعش تغيرت، فقسد تحت ضغوطات أمريكية تمنع توريد النفط والغاز للأسد، وهي التي تملك حقل السويدية الحقل الأكبر للغاز الطبيعي، وفيما تشهد حقول بادية تدمر وقارة تنافساً روسياً إيرانياً للسيطرة عليها، إذ يعتبر الغاز المادة الأساسية لتشغيل قطاع الكهرباء. وفيما تتنافس كل من موسكو وطهران على بسط النفوذ جغرافيًا لاسيما أن الحقول تقع على طريق الأنابيب، تسعى روسبا وإيران للضغط على الأسد، وذلك بغية حصول كليهما على مزيد من التنازلات”.
وفي حين بيّن الباحث والخبير الاقتصادي، أن من أسباب غلاء الغاز “سيطرة الأسد على الحقول الصغيرة، فيما تقع الكبيرة تحت سيطرة التحالف الدولي، إضافة إلى عدم ملاءة النظام مالياً في وقت تحتاج فيه الحقول لقطع تبديل تمكنها من إعادة التشغيل، وهو أمر لا يمكن للأسد الحصول عليه في ظل الحصار الاقتصادي الأوروبي والعقوبات الأمريكية، إلا من خلال السوق السوداء”.
وتشير تقارير إلى أن سورية تحتاج كمعدل وسطي إلى 130 ألف أسطوانة غاز، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن وزارة الخزانة الأميركية لوّحت في 20 تشرين الثاني/نوفمبر بفرض عقوبات على كل الجهات أو الأشخاص المنخرطين في عملية شحن النفط إلى سورية.