المحامية سماحفردَّت تلك الحلبية، وقالت تلك الحمصية، وهمست تلك الشامية، وقال الشامي، ونظر الدرعاوي، إلخ…ألم نكتفِ من المناطقية بين أبناء محافظات البلد الواحد وأبناء نفس المحافظة بين الريف والمدينة، فيقول أحدهم: لا أنا من المدينة، ويقول: صحيح فلان من (…) لكن هو من الريف.إنَّ ذلك لن يزيد أحدهم رفعة أنَّه من محافظة ما، أو بلد ما، أو ريف ما، أو عائلة ما، ولن ينقصه عدم الانتماء إليها، ألا يكفينا فرقة وضغينة فيما بيننا؟! أصبح كل واحد فينا ينسب الفضل لنفسه ويصغر الآخرين بسبب الانتماءات، وكأنَّ البلد أصبحت له لشرف مدينته أو ريفه.كل ما سبق يزرع الحقد والضغينة بين البشر، ألا يكفي حلب ما حصل بها؟! إنَّنا نسمع من بعض البشر إلى يومنا هذا جملا قبيحة يتناولون بها بعضهم البعض، فهناك كبار الشخصيات ممَّن يقال عنهم قدوات، ومن شخصيات ثورية يتفوهون بهذه الجمل، بينما بعض الشباب يحملون وعياً وفكرا يفوق أعمارهم، وفي ذلك لا نعمِّم.أصبحنا نسمع أحدهم يذم دمشق إلى الآن، وأنَّها سبب تأخر الفرج، كل هذا يزرع الفرقة بين أفراد الشعب الواحد، حتى بين أبناء المحافظة الواحدة نجد إحداهن تقول متعجبة: “ها هم أبناء الريف بات عندهم شاشات مسطحة” وكأن أهل الريف كانوا من الفقراء المعدمين، ويقول أهل الريف: “إنَّ أهل المدينة يستحقون ما يحل بهم” ويقول أهل الشمال عن أهل الجنوب ما يقولون، وأهل الشرق عن أهل الغرب، والداخل عن الخارج.لا يزيد أحدهم رفعة وشرفاً أنَّ محافظته بدأت أولاً أو انتهت آخراً، أو أنَّها قدمت أكثر أو أقل، ألا يكفينا ما فينا من بلاء حتى نستمر في تخوين بعضنا البعض لمجرد الانتماء إلى محافظة، أو ريف، أو مدينة، أو حي، أو عائلة ما؟! فليلجم كلٌّ منَّا لسانه، وليفكر بما ينطق، فإمَّا أن يقول خيرًا أو فليصمت.