غسان الجمعة |
في أول استهداف إسرائيلي عقب فوز (بايدن) لميليشيات الأسد والحرس الثوري الإيراني، قُتل عشرة أفراد في غارات متفرقة على محيط دمشق وريف درعا، بالتزامن مع تأهب عسكري ووعيد من قِبل (نتنياهو) للنظام السوري والحرس الثوري بدفع ثمن باهظ لمن يحاول الاعتداء على إسرائيل.
الجديد بهذه الغارات الكشف الدقيق والواضح عن توزعها وأماكن استهدافها، وعن توقيتها كونها أولى الغارات الإسرائيلية عقب حسم الانتخابات الأمريكية لمصلحة (بايدن)، بالإضافة إلى كونها حملت كشفًا عن كتيبة سرية تعمل لمصلحة إيران في الجنوب وتهدد الحدود الإسرائيلية، لذلك أرادت إسرائيل تجديد تذكيرها للأطراف برسائلها، إذ إن تغريدات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي (نتنياهو) التي هدد فيها من يهاجم إسرائيل، رسالة واضحة لرأس النظام السوري والإيرانيين، وقد أكد بنيامين على استمرار سياسة إسرائيل في مهاجمة مراكز التغلغل الإيراني في سورية وعدم السماح لها بالاستقرار فيها.
هذه السياسة باتت تُضيِّق على النظام السوري خياراته في التعامل مع الإيرانيين المقاولين بالورقة السورية والمتاجرين بالمقاومة من داخل حدود النظام السوري في الوقت الذي يفاوضون فيه العدو نفسه على اقتسام حقول الغاز في المتوسط وترسيم الحدود مع الكيان على بُعد كيلو مترات قليلة في لبنان!
كما أن مخاطبة إسرائيل للقيادات العسكرية للميلشيات السورية مرارًا بالابتعاد عن الإيرانيين ومشاريعهم يشكل جوهر المعضلة التي تفرصها إسرائيل على روسيا والنظام بإبعاد إيران، وهو ما عجزت عنه كلا الدولتين، في حين كان واضحًا في هذه الغارات استهداف مقر قيادة (الفرقة السابعة) لميلشيات الأسد التي تعمل بالتعاون مع الإيرانيين على الحدود، في إشارة إلى الفاتورة التي يتحملها النظام عن وجود العبء الإيراني.
من جهة أخرى كشف المتحدث الإسرائيلي (أفيخاي أدرعي) عبر حسابه على تويتر عن الكتيبة 840 التي تقود نشاط إيران في سورية، وهي المسؤولة عن زرع العبوات لاستهداف ما أسماه “قوات غربية ومعارضة” في رسالة لروسيا التي تعرضت إحدى دورياتها الأسبوع الماضي لعبوة في أرياف درعا، وتعرض عدد من قادة الفيلق الخامس المدعوم روسًا لعمليات اغتيال واستهداف مستمر.
التنسيق الروسي جاء عقب الغارة باتصال من سكرتير مجلس الأمن الروسي برئيس مجلس الأمن الإسرائيلي، حيث تناقش الطرفان حول سورية، ممَّا يعني استمرار التنسيق في سورية بين روسيا وإسرائيل على أعلى مستوياته الاستخباراتية بوتيرة تصاعدية إلى حين الدفع بإيران للانسحاب، وفي ذلك تلتقي مصلحة موسكو تل أبيب.
إيران تحاول قبل تسلم (بايدن) لسلطاته أن ترسخ الأمر الواقع وتعزز من مواقعها في سورية والمنطقة عمومًا من خلال التعويل على السياسة الباردة التي يتعامل فيها الديمقراطيون مع الملف الإيراني، وهو ما نفته إسرائيل بغاراتها وبتقاطع اتصالاتها مع موسكو وزيارة بومبيو لها عقب الغارات بأيام.
الغارات القادمة سيستمر النظام السوري بالتصدي لها حسب البروغبدندا الحالية من خلال استنكاراته وشجبه، لكن هل يمكن أن تستمر طهران بالبقاء متخفية في سورية ومهددة بأي وقت بالاستهداف؟
هذا ما سيقرره الكيان الإسرائيلي حتمًا مع الرئيس الأمريكي الجديد الذي سيفاوض إيران بصفقات أغلاها ثمنًا وجودها العسكري في سورية.