أحمد جهاد
“توحيد الصفوف وإشعال الجبهات هي اللغة الوحيدة المفهومة” كلمات صرَّح بها محمد علوش -كبير مفاوضي وفد الهيئة السورية العليا في جنيف – على حسابه في تويتر مخاطباً قائد حركة أحرار الشام، فهل ستنعكس هذه التصريحات على أرض الواقع؟ أم أنَّها لن تخرج بعيداً عن لغة التصريحات وشبكات التواصل الاجتماعي؟
إنَّ أشدَّ المعارضين للتفاوض يديرون ظهورهم وأعينهم عنها، ولكنَّهم يبقون آذانهم على حائط جنيف يسترقون السمع علَّهم يحظون بخبر ما ينهي سنوات الإجرام التي لم يبق فيها مرتزق إلا وشارك ميليشيات الأسد في قتل وتشريد الشعب السوري.
على أرض الواقع ثمَّة وضع مختلف، فغرف العمليات ما زالت تلتزم بوقف إطلاق النار، منظرةً ما سيحدث في جنيف بشكل نهائي، وسط إشاعات لا تنتهي باقتراب ساعة الحسم وفتح أبواب النار التي ستحرق ما تبقى من النظام.
في جنيف 1 عزا كوفي عنان المبعوث الدولي الأول لسورية استقالته لعدم تلقيه الدعم الكافي الذي تتطلبه المهمة، ووجود انقسامات داخل المجتمع الدولي، ممَّا أدَّى إلى تعقيد واجباته تجاه حلِّ الأزمة كما يسمونها، ولم تنجح محاولات خلفه الإبراهيمي في ترميم تلك الانقسامات، بل فعل به المجتمع الدولي أكثر من ذلك عندما جعله يشعر بالإحباط واليأس لعجزه عن إجراء أي تقدم للتوصل إلى حلٍّ سياسي، واليوم يردد دي مستورا عبارته الشهيرة قائلاً: “إذا فشلت محادثات جنيف فلن يكون هناك أمل لسورية”.
ولكن بعيداً عن التصريحات المختلفة هنا وهناك، نرى من خلال الواقع ومسيرته ، أنَّ المشهد يتفكك قليلاً من تعقيداته، فاجتماع كيري-لافروف الأخير أزال تلك الانقسامات التي صرَّح بها عنان عند استقالته، وتجلَّى ذلك على أرض الواقع بوقف العنف، واتجاه جميع القوى على الأرض لمحاربة الإرهاب، والإرهاب لدينا يتمثل بداعش، فنرى تقدماً للجيش الحر على الأخير في ريف حلب الشمالي، وتقدم ميليشيات الأسد في تدمر، والأيام القادمة ستكشف عن ذلك الاتفاق القذر التي دار بين كيري ولافروف، فهل هو الفيدرالية التي لا يمكن أن تتحمله المنطقة وتعارضه دول مجاورة يهدد أمنها وأهمها تركيا ؟ أم التقسيم؟ أم أنَّ رحيل الأسد سيكون أمراً لا مفرَّ منه، وذلك بحسب ما ناقشه رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع المسؤولين الروس في محاولة لتكليل نهاية رئاسة أوباما بنجاح إيجاد حلٍّ للأزمة السورية؟
الثورة التي خرج من أجلها السوريون مستمرة، والمظاهرات عادت لتتصدر المشهد وتستعيد ألق البدايات، وتؤكد على مطالب الشعب السوري العادلة، والقتل والتهجير والتجويع لم يزد الشعب السوري إلا إصراراً على نيل حريته وكرامته سواء بحل سياسي أو بالعودة إلى الجبهات.
ما يهمنا كسوريين أن نحافظ على تلك المبادئ والمطالب العادلة، وألَّا نتنازل عنها لصالح أي مفاوضات حالية او مستقبلية، مع دعمنا لكل جهد سياسي يوقف نزيف الدماء دون أن يمس الكرامة.