بقلم محمد مهنا
إذا وضعت فلسفة المنفعة لمكيافيلي، ونظرية الإعلام الدعائي النازي لغوبلز، وثورة تقنيات الاتصال، ستحصل بالتأكيد على قناة CNNأو BBC أو الفوكس نيوز التي تطوّع التكنلوجيا الدقيقة في خدمة أهدافها حتى لو كانت وضيعة، أمَّا إذا أردت الحصول على قناة إعلام النظام مثل الإخبارية السورية أو الدنيا فعليك بالخلاط فقط!
تضع فيه عقل حمار، ثم عقل حمار مستنسخ من الحمار الأول، ثم عقل حمار وحشي، فيخرج لديك مذيع يتغنى بغنج مشية بوتين القيصرية، وعضلات صدره وهو يمارس رياضة الكاراتيه، وفي نفس الوقت ينشد كلمات (الثيادة)، أو تدهشك مذيعة بكامل أناقة حفلة العرس، وهي تستحلب الغيوم لتثبت أنَّ الشعب خرج ليحمد الله على المطر وليس ليمطروا آمر صرف راتبها بعشرات الشتائم.
التلفزيون السوري أسطورة بحق، يجب تدريسها كإحدى الظواهر غير الاعتيادية للعقل البدائي الذي يتقاطع مع الحيوانات غير الأليفة عندما يحاول أن يصنع من الفشل الروسي نصراً مؤزراً في حلب.
فالدعوة التي أطلقها الكرملين، ثم علم بها بشار بعد استيقاظه، من أجل خروج الناس والمسلحين من حلب الشرقية لم تسفر إلا عن مشاهد مخزية، وفبركات إعلامية مضحكة، وعصير من المشاعر المتضاربة التي نفحنا بها معلقو النظام على الشاشات وهم يذرفون الدموع ويشهقون بالمخاط، ويتباكون على أهالي الشرقية (إنَّهم في قبضة المسلحين الأشرار).
بالفعل استجاب الناس للدعوات، وخرجوا يصيحون ولكن ليس فرحاً بالمطر كما قالت مذيعة الإخبارية السورية، بل لأنَّهم وجودوها فرصة ليرفعوا رصيد الشتائم بحق هبل واللات وكل أصنام النظام، ربما غينيس تعطي لقباً لأكثر رئيس شتم في الأيام القادمة، كأنَّ الناس في حلب الشرقية لم تفهم رسالة النظام أو منشوراته بسبب اللكنة الفارسية الروسية التي فاحت منها.
صبيان إعلام النظام سربوا كعادتهم، أقصد سربوا فيديوهات عبر مكبرات للصوت قرب معبر كراج الحجز تدعو الأهالي للخروج الآمن، وتقف الباصات الخضر” راكور ” مستعار من خط الجامعة تنتظر الهاربين من جحيم المسلحين.
غير أنَّ أبناء حلب دون غيرهم يعرفون ويحفظون طرقها وشوارعها وجسور القطار فيها، والتي منها جسر الحريري الذي وقفت بقربه الباصات الخضراء، ويبعد عن منطقة كراج الحجز ثلاثمئة متر… الكذب يحتاج أحيانا لمهندس مساحة الى جانب المخرج نجدت أنزور ليقنع الناس.
أخيراً ومن باب الرحمة بالمتابعين الذين يتوفون نتيجة إدمان الإعلام الفاسد، أدعو أبواق النظام لاتباع دورة شرعية لإقناعهم بأنَّ الكذب محرم في كل الديانات إلا عند عباد البقر أو الحيوانات اللاحمة، ودورة إعلامية تعرفهم الفرق بين الكذب ونقل الخبر، وأخيراً اتباع دورة شهرية لأنَّه ينقصهم الكثير الكثير من الرجولة ليصلوا إلى سقف حذاء حلبي من الشرقية…
ملاحظة: ثبت بالتجربة لدى أهل حلب أنَّ منشورات الجيش العربي السوري، والقوات المسلحة، والقوات الرديفة، والدفاع الشعبي، وقوات النمر والضاحية، أنَّها أفضل ورق الاستنجاء والاستبراء.