أن تكون قادراً على مواجهة الحياة معناه أن يكون لديك مؤهلات تمكنك من الوقوف صامداً قدر الإمكان أمام كلِّ ما من شأنه أن يعصف بك وبحياتك وصمودك وأحلامك، فالحياة برمتها عبارة عن مزيج من الأيام والأحداث الحلوة والمرة، وقوة الإنسان تكمن في مدى تحمله لنوائب ومشاكل الحياة التي يعيشها، وإيجاد البدائل لكل شيء يمكن أن يقف في طريقه.
عدنان هندي “أبو محمد” شاب من حي جبل بدرو في حلب تمكن بصبره وأمله بالغد من مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها، ظروف يصفها لجريدة حبر علىأنَّها ليست عليه فقط، بل على جميع الناس، فالغلاء الذي ساد الأسواق وتربَّع على عرش الهموم والألآم كان له أثره السلبي على الجميع، فالغلاء قد شمل جميع نواحي الحياة، حتى لقمة عيش الناس، حيث شهدت الخضروات ارتفاعاً غير مسبوق اضطر الكثير من الناس للتخلي عن أنواع متعددة منها، فالغلاء قد رفع في سعرها إضافة إلى عدم وجودها بكميات كبيرة كالسابق في الأسواق، ذلك أن منتوج المحاصيل الزراعية لم يعد كالسابق؛ وذلك بسبب الحرب وعمليات القصف المركز خاصة التي استهدفت أرياف حلب الجنوبي والشرقي، وكذلك الغربي والشمالي، ممَّا ساهم في نقص المنتوج المعتاد عليه.
وضمن مقابلة أجرتها صحيفة “حبر” الأسبوعية مع الشاب عدنان يروي لنا قائلاً: “الغلاء ساد الأسواق، وشمل كلَّ متطلبات الحياة، حتى الطعام والشراب، ووضعي المادي لا يسمح لي بشراء كلِّ ما أحتاجه، لذلك فكرت بمشروع صغير يمكن أن أستفيد منه وأفيد غيري، وهو عبارة عن زرع أنواع متعددة من الخضروات ضمن مزرعة صغيرة أنشئها في المنزل، فزرعت الجبس والباذنجان والكوسا والبندورة والخس والبقدونس، والكثير من أنواع الخضروات الأخرى”
ويضيف عدنان قائلاً: “كلُّ ما أسعى إليه من خلال هذا المشروع هو الإفادة بعيداً عن أي استثمار، أو الرغبة في مرابح مادية، أقوم بأخذ كفايتي منها والباقي من جميع الأنواع أقوم بتوزيعه على الأرامل واليتامى والفقراء، فأنا أقدر الوضع الصعب الذي يعيشونه، فهم لا يمكنهم شراء كل ما يريدونه.
المشروع بسيط جداً، وكل شخص يمكنه القيام به واستثمار المساحات الموجودة لديه، كما يمكن للناس الاشتراك بمساحة أرض، فبعد الخراب ثمة أماكن كثيرة يمكن استثمارها مشاريع عدة، طبعاً مع مراعاة خصوبة الأرض وصلاحيتها للزراعة. ببعض المزارع الصغيرة يمكن أن يكتفي بعض الناس ولو بالقليل، خاصة أن المنتوج سيستفيد منه كل محتاج.”
وكأنَّ صورة المناطق المحاصرة في الوعر والغوطة الشرقية تعاد في مناطق حلب، لكن الظروف تختلف بعض الشيء، صحيح أنَّ الحصار ليس محكما، لكن هناك حصار وتجويع من نوع آخر، فالغلاء والقصف والنقص الحاد في كثير من المواد سبب أزمة لكثير من الناس، لكن في نفس الوقت على الشخص أن يكون لديه القدرة على الابتكار والتحدي وإيجاد وسائل يمكنها أن تساعد على الحياة والمضي فيها.
تقرير وتصوير: عمر عرب