تقرير : فارس الحلبيمع دخول فصل الشتاء تشتدُ الحاجة إلى الباس الشتوي الذي يقي الناس البرد والصقيع، إلَّا أنَّ الارتفاع الكبير في أسعار الملبوسات يشكل هاجساً حقيقياً عند أصحاب الدخل المحدود والذين باتوا يشكلون النسبة الأكبر من سكان مدينة حلب.وترجع أسباب ارتفاع أسعار الملبوسات إلى توقف الإنتاج المحلي وهجرة العمالة إلى دول الجوار وخصوصًا تركيا ومصر، ممَّا دعا أصحاب المحلات إلى تأمين معظم البضائع من تركيا أو مناطق سيطرة النظام، الذي ساهم في تضاعف أسعارها إلى حدٍ قد يصل إلى أربعة أو خمسة أضعاف أحيانًا.كما أنَّ طمع تجار الجملة قد أرهق كاهل الفقراء، فهم يرفعون الأسعار بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار، فإذا عاود الهبوط بقيت أسعار الملبوسات في ارتفاع دون مراعاة هذا الفقير المحتاج.فالذي يتجول في أسواق حلب يراها قد غدت شبه خالية من الزبائن إلَّا من بعض المتجولين الذين يكتفون بمعاينة البضائع والاستفسار عن أسعارها مع عدم قدرتهم على شراء ما يحتاجون منها مكتفين بالنظر إليها.أبو محمد صاحب محل الألبسة في الفردوس يحدثنا عن سبب ارتفاع سعر الألبسة الشتويةتأتينا الألبسة من التُّجار الذين نقلوا معاملهم إلى تركيا، ولكن بسبب ارتفاع الدولار وصعوبة وصول البضاعة إلى حلب حسب تعبيرهم يرفعون من نسبة بيع البضاعة،وعندما نعرض البضائع على الزبون يتفاجأ ولا يعد يرغب بالشراء فيكتفي بالسؤال والنظر.أبو جمعة صاحب محل الألبسة الشتوية في الشعار حدثنا بغضب قائلاً:إلى متى سيبقى التاجر يبعنا بالسعر الذي يرغب به؟! لماذا لا تشكَّل رقابة تحدُّ من تصرفات التُّجار الاستغلالية؟! تراهم دائماً يدبرون لك الحجج ويرفعون الأسعار، وعندما يأتي الزبون للشراء نتهم بالسرقة ويقول لنا: “أنتم ترفعون الأسعار كما تشاؤون وأنتم حرامية ” أنا شخصيَّا أطالب بوجود رقابة لبيع الألبسة في الأسواق، وأن يكون للتاجر نسبة محددة من الأرباح أثناء البيع.أم أنس إحدى المتسوقات في أسواق حلب تخبرنا عمَّا تعانيه في جولتها عند شراء أي غرض لأبنائهاإنَّ أبنائي من الثوار وليس لديهم الوقت الكافي لشراء الألبسة، فأضطرُ إلى التسوق لشراء الألبسة لهم، فبما أنَّهم لا يملكون الأموال الكافية أبقى طيلة الأسبوع متجولة من سوق لآخر باحثةً عن أسعار مخفضة لكنِّي لا أجد ذلك،فإذا أردتُ أن أشتري كنزة وبنطالًا على الأقل أحتاج إلى مبلغ قدره 5000 وما فوق للشخص الواحد، ماذا أفعل وأنا لدي خمسة شباب مرابطين مع الثوار؟!ويحدثنا أبو محمد أحد المتجولين بسوق الشعار عن معاناته بشراء الألبسة لأطفاله الصغار قائلًا:الشتاء صارم لا يعرف صغيرًا ولا كبيرًا، أتجول في السوق منذ الصباح لأعود إلى المنزل ومعي بعض الألبسة الشتوية للصغار، ولكن على هذه الأسعار لا أعرف كيف أدخل المنزل دون أن أحضر لأطفالي بعض الكسوة ليدفئوا بها جسمهم الرقيق وأنا لا أحمِّل المسؤولية لأصحاب المحلات إنَّما أحمِّلها لتجار الدماء والحرب الذين يستغلون وضع البلاد ويتحكمون بالأسعار.عند جولتنا قابلنا أحد التجار يدعى أبو علي يخبرنا عن سبب ارتفاع الأسعار حسب اعتبارهنحن ندخل البضائع من تركيا لكن تكلفة الإدخال عند الحدود مكلفة، وأحياناً نضطر إلى إدخالها عن طريق التهريب، وتكلفتها أيضا مرتفعة، وأحياناً تبقى البضاعة يومين أو أكثر على الحدود لحين دخولها، فماذا نفعل أكثر من ذلك؟! نحاول أن نراعي ظروف المواطن ولكن الأوضاع تتحكم بنا ولسنا نحن من يتحكم بها، والمعناة تزداد إن استمرت الأحول على ما نحن فيه.بعد تسليط الضوء على ما يحدث في الأسواق من ارتفاع للملابس الشتوية نجد سبب الارتفاع في البضائع مرهونٌ بارتفاع الدولار وغلاء تكاليف دخولها إلى حلب.هذا ما يحصل في مدينة حلب رغم كل ما تتعرض له، لكن هل الجهات المعنية سوف تلاحق هذا الأمر، أو ستبقى آذانها صماء لا تسمع؟!