بقلم زمرد أبو زيد
إنَّ ازدياد المحن والواقع المرير الذي تعيشه أرض الشام، والفتن التي تعصف بأهلها بين الحين والآخر، إرهاصات هزة كبيرة وأحداث جسام ستتابع على الساحة السورية في الأيام القادمة، بعد عمليات التمحيص والابتلاء والاستبدال على مدار خمس سنوات.
فبوادر الملحمة القادمة تلوح في الأفق، وهي جزء من سنن الله في هذه الدنيا، وستأخذ على عاتقها عملية التغيير، ولن يقودها إلى الخلاص والتحرير إلا العاملون الصادقون الذين تحرروا من نير الأنظمة الاستبدادية وضغط التبعية الدولارية.
ولا يبالغ من يقول: إنَّ عملية التغيير الشاملة التي تتحمل تبعياتها الثورة السورية لن تقف عند حدود الوطن، بل ستعيد تشكيل سياسات دول كبرى، وسترسم خارطة جديدة للمصالح والمعاملات والعلاقات بين الدول، وستضرب منظومات العالم القديمة، وتزعزع مؤسساته المتعددة على أكثر من مستوى، كل هذا يدفع الأعداء إلى أخذ الحيطة والحذر والإعداد في سبيل الإجهاز على الثورة الفاضحة.
فبعد خمس سنوات من الثورة، استطاعت أن تسقط أقنعة وأن تكشف نفاق العالم وخداعه، والأهم من ذلك أنَّها قدَّمت خدمات عظيمة للأمة، فحددت عدوها الحقيقي وعرته أمام الناس، ووضعت يدها على مشاريعه وخططه، ولم تكتفي بذلك فحسب، بل رسمت لجميع الأحرار طريقة مواجهة المستبد وسبيل هزيمته.
ولذلك فإنَّ الحرب الدائرة على الأرض السورية بين قوى الحق وقوى الباطل فيها من الخير الكثير، فعلى الرغم من التدمير والقتل والتشريد والمفاسد، تبقى المصلحة في الحرب كبيرة وعظيمة، تتمثل في وعي الأمة للأحداث الكبرى، وفهمها لذاتها والعمل من أجل نهضتها والاستفادة من أخطائها السابقة، وصنع جيل التمكين القادم، فلقد عاش السوريون مدة طويلة تحت حكم الاستبداد والطغيان، وهذا العيش مفسدة على أكثر من مستوى، تقتل قيمة الإنسان وتغيبه عن هويته وتحرفه عن المسار الذي خلق من أجله.
إنَّ المرحلة الجديدة ستكون صعبة بلا شك، ولكن المطلوب منها أن نستثمر تجربتها لنكون أكثر استفادة من هذه الحرب، على أكثر من مستوى، في مجالات السياسة والتنظيم والتربية والإعلام، فالحرب وما يصاحبها من أحداث تقدم الخبرات وتصقل الشخصيات وتدفع إلى العمل.
الهزة الكبرى قادمة، وسترسم طريقا جديدا، وستضع حجر الأساس، وستساهم في إعادة تشكيل مفردات حاضرنا ومستقبلنا، ولكن الأهم هو أن يكون لنا دور فعال فيها، وأن يأخذ كل واحد فينا مكانه الصحيح، فانظر أين تقف.