تتسارع وتيرة التحضيرات الإقليمية بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة إيران بشكل يتناسب طرداً مع قرب إعلان الرئيس الأمريكي الخروج من الاتفاق النووي حسب تكهنات معظم وسائل الإعلام الأمريكية الذي يعتبر من أهم وعود ترامب الانتخابية والذي كان يصفه دائماً بالفاشل.
بومبيو وزير الخارجية الأمريكية بعد توليه منصبه الجديد بساعات أعلن عزمه عن جولة في الشرق الأوسط أشارت معظم تغطياتها الإعلامية إلى أنها تهدف للحشد ضد طهران و تقليم أظافرها في المنطقة، وهو ما حصل فعلاً في أول محطات بومبيو حيث تزامن الاستهداف الإسرائيلي لميليشيات طهران في ريف حلب وحماه مع استقبال الأخير في تل أبيب.
كما كشف بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي عن مواقع سرية إيرانية تتعلق ببرنامج لتطوير أسلحة نووية فيما يبدو لمقدمة تسعى من خلالها إسرائيل لتهيئة الرأي العام على الساحة الدولية والإقليمية لأي عمل من الممكن أن تُقدم عليه ضد طهران كما أن الكشف عن هذه الوثائق السرية سيدعم من توجه ترامب نحو اتخاذ قرار ضد الاتفاق النووي من خلال الضغوط التي ينفذها اللوبي اليهودي على الإدارة الأمريكية.
في حين منح الكنيست الإسرائيلي الحق لرئيس الوزراء ووزير الدفاع باتخاذ قرار شنِّ الحرب دون الرجوع إلى مجلس الوزراء في خطوة اعتبرها مراقبون بمنزلة ضوء أخضر من قبل الجبهة الداخلية للكيان الإسرائيلي لمواجهة النفوذ الإيراني بشكل أوسع ممَّا يجري عليه الآن من عمليات محدودة، هذا وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجمعة حسب وكالة سبوتنيك الروسية عدم اعتراض إسرائيل على تزويد نظام الأسد بمنظومات (أس300) لكنه شدد على أن إسرائيل ستتحرك ضد هذه المنظومات فيما لو استخدمت ضدها في محاولة واضحة لدق أسافين الخلاف بين الروس والنظام من جهة والإيرانيين وميليشياتها من جهة أخرى.
أما بالنسبة إلى الدول الخليجية التي تدور في الفلك الأمريكي فقد انتقلت في التعامل مع طهران إلى طريقة العم سام من خلال عزلها عن حلفائها فيما يسمى بحلف(الممانعة) فالتغير في موقف السياسة السعودية تجاه الملف السوري وتصريحات بن سلمان ببقاء الأسد لم تتعارض مع هدفها في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث أعلنت عن رغبتها في إرسال قوات برية إلى مناطق غرب الفرات، وفي الوقت نفسه تعمل على كسب هدوء الدب الروسي من خلال تطمينات تنقلها للساسة الروس في كل مناسبة بضرورة الحل السياسي للمسألة السورية (على الطريقة الروسية) .
ويسعى الأردن الحليف المهم للولايات المتحدة للتعامل بالطريقة نفسها مع النفوذ الإيراني من خلال سياسة الفصل والتعامل بـأوجه مختلفة مع جزئيات الساحة السورية، فمن سوتشي أعلن وزير الخارجية الأردني الأسبوع الماضي عن رغبته بالحفاظ على مناطق خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سياسي للمسألة السورية.
إن التحركات الأمريكية مع ميليشيات قسد على الحدود السورية العراقية من خلال التوسع بطوق حدودي قد يمتد من أرياف الحسكة إلى التنف، هو أول خطوة عملية لقطع الطريق البري الإيراني (طهران – بغداد – دمشق – بيروت) الذي تتحرك به الولايات المتحدة لاجتثاث بقايا داعش والتضيق على الوجود الإيراني الذي من الممكن أن يتمه ترامب بفرض عقوبات على حركة الملاحة الجوية الإيرانية في سلة عقوبات من المفترض أن تُعلن عقب نسفه للاتفاق النووي.
ويبقى التساؤل الأهم، كيف من الممكن أن تستفيد المعارضة السورية من ظروف دولية جديدة قد تتشكل قريباً؟ وهل تستطيع توظيف هذه الظروف في صالحها في حال تعرض الوجود الإيراني ومرتزقته لانتكاسات واستمرت الضربات التي سوف تضعفه إلى حد كبير؟