د. لؤي صافي |
الدِّين هو رسالة السماء إلى الناس، كل الناس، لا يحق لأي فصيل أو فريق منهم أن يتماهى معه، وأن يحول دينًا ينتمي إليه جمع كبير من الناس إلى شعار خاص لفرقة منهم لديها تفسيرها الخاص أو مذهبها الخاص.
الإسلام دين رساليٌ أُرسِل رسوله ليكون رحمة للإنسانية، رحمة للعالمين، لا رحمة للمؤمنين به من دون الناس. بل إنَّ صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام لم يستخدمه، وهو أحق الناس بذلك، شعارًا له ولصحبه عندما أسس دولة المدينة، التي سُميت المدينة المنورة لا المدينة الإسلامية. نسبة دولة معينة للإسلام تحميل لهذا الدين العالمي كل الأخطاء الناجمة عن القصور الإنساني للنخب الحاكمة فيها.
لذلك فإن استخدام أي فصيل سياسي للإسلام شعارًا حصريًا هو توظيف سياسي غير مقبول. فليس من حق إيران أن تمنح نظامها السياسي صفة الدولة الإسلامية، وهي في حقيقة الأمر دولة شيعية اثني عشرية، تحولت خلال عقود قليلة من دولة تدعي الوقوف مع المستضعفين إلى دولة تحمي المستبدين الفاسدين.
آن الأوان أن يرفض المسلمون أن تتلفح دولة أو حزب أو جماعة برمز ديني تحتكره لنفسها على الرغم من تناقضها في سلوكها ونهجها ومعتقداتها مع ملايين المسلمين الذين لا يتفقون معها. آن الأوان أن يرفض المسلمون جميعًا إطلاق اسم الدولة الإسلامية على إيران، أو حزب الله على المكون الطائفي الذي تحول إلى ذراع للجمهورية الإيرانية في لبنان وسورية.
كما آن الأوان لحركة الإخوان المسلمين أن تبحث عن اسم جديد لها لا يحيل الهوية الإسلامية إلى صفة حصرية لمكون سياسي يختلف معه كثير من المسلمين الذين يعتزون بإسلامهم، ويجدون في خططه وممارساته وتوجهاته قصورًا كبيرًا.
يمكن أن يتلمس بعضنا العذر لرواد الحركة الذي سعوا في البدء إلى بناء مجتمع مدني لا حزبًا سياسيًا، لكني لا أجد عذرًا لقياداتها اليوم بعد أن تحولت الحركة المدنية إلى جماعة سياسية في الاستمرار في هذا النهج.
وإذا أصرت هذه القوى السياسية على التلفح بشعار الإسلام لإخفاء قصورها، والبحث عن شرعية سياسية باسم دين واسع الاحترام بعد أن عجزت عن كسبها بجهدها وعملها، فعلينا إذًا السعي لتغيير هذا الاسم كما فعلنا مع من تسمت باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” عندما قلصنا اسمها إلى الأحرف الأولى منها، فتحولت إلى “داعش”، لينتشر بعد ذلك هذا اللقب في كل الدوائر الإعلامية والسياسية.