سنتكلَّم في بضع مقالاتٍ عن الحبّ، ذلك العالَمُ الرائع الذي طالَ الغيابَ عنه والجفاء له دونَ سبب. نتبختر على تمهُّلٍ في رحاب روضِه، نستنشق أزهارَه تارةً ونلثُمها أُخرى.
في البداية، قد يعتبر البعض كلامنا في الحبّ ومفاهيمِه ترفاً وهروباً من الواقع، خاصَّة أنَّ زمننا هذا يشْهد أبشعَ أنواع الظلم والقسوة التي تستجلب الكره والأحقاد.
لكن ماذا نستطيع أن نفعل إذا كنَّا أناساً جُبِلوا على حبّ الحياة، والرغبة في عيش الأشياء الجميلة؟ ليسَ بيدنا حيلةٌ فلا تعذُلونا واعتبوا إن شئتمْ على إنسانيَّتنا الغضَّة.
أوَّلاً: لماذا الحبُّ؟
إنَّ الحبَّ عنصر أساسيٌّ في هذه الحياة لا يمكن أن تقوم بدونه. لأنَّ عبادة الله تعالى مشتملة عليه، بل الحبُّ هو لبُّها، وحبُّ الجنس الآخر تحتَ مظلَّة الحلال هو فرع من حبّ الله عزَّ وجلَّ قام به النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونزل به القرآن.
ثانياً: ما هوَ الحبُّ؟
الحبُّ شيء عاطفيٌّ، ولهذا فإنَّ من الصعوبة تقييده بالكلمات، لأنَّ العاطفة عندما تتحدَّث فإنَّ بلاغتها تُخرِس الألسن وتذهل الألبابَ. ولأجل ذلك فإنَّه من الصعب أن نخرج الحبَّ من القلب لننزلَه منزل التداول العقلاني، فمعناه لا يفهمُه إلَّا المجرّبون.
على أنَّ القرآن وصفَه بأنَّه عبارة عن مودَّة ورحمة بينَ الزوجين، تذلُّ بهما المرأةُ للرجل، ويخفضُ بهما الرجلُ جناحه للأنثى.
ثالثاً: هل الحبُّ يقع قبل الزواج أم بعده؟
كما نعرف فإنَّ الحبَّ في المفهوم العام شيء لا إرادي، فنحن لا نستطيع أن نحبَّ متى نشاء أو لا نحبَّ. وإنَّما هو شيء خارج عن الإرادة الذاتيَّة، ومن هذا المنطلق لا يمكن التحكُّم بوقت قدومه.
نعم، فمن الممكن أن يقع الحبُّ قبل الزواج، بل على الغالب سيقع، وفي هذه الحالة يكون أشنع خطأ هو التملُّص من هذا الحبّ الوليد بحجَّة أن الحبَّ لا يجب أن يأتي إلَّا تحتَ مظلَّة الزوجيَّة.
لا يستطيع أحد الجزم في ذلك، فقد يأتي الحبُّ بعد الزواج أو لا يأتي، وذلك يعتمد على درجة وعي الزوجة بمفاهيم الحبّ من عدمها، ويتعلَّق أيضاً بمدى استيعاب الرجل له، وسنفصّل ذلك في موعده.
رابعاً: متى يقع الحبُّ إذا كانَ قبل الزواج؟
يقع الحبُّ حينَ يشعر الإنسان تجاه الطرف الآخر بشعور مختلف عن الحالة الطبيعيَّة وعن الإعجاب الفطريّ، وغالباً يكون ذلك الشعور مقروناً بالتوتُّر، فيا أيُّها الشابُّ، وأنا أخصُّك هنا لأنَّك أنت المعنيُّ بكلامي في هذه المرحلة، عندما تشعر حين تقترب من فتاة معيَّنة أنَّ قلبَك بدأَ يهوي كنيزك ويرقص كمختلٍّ عقليّ فاعلم أنَّ قلبَك بدأَ يعزف على أنغام الحبّ، فإن كنت تعتقد أنَّ هذه الفتاة تناسبُك ورضيَ بها عقلُك عليكَ الانتقال إلى الخطوات التالية، وإن كنت غير مستعد أو كان قلبك مجرَّد ثرثار فأنصحك بإسكاتِه وتأديبه بأسرع ما يمكن قبل فوات الأوان.
سنتوقَّف اليوم هنا، أمَّا عن الخطوات التي يجب أن تعقب الحبَّ ما قبل الزواج، وما هي المشاكل التي يمكن أن تواجه الطَّرفين مع طريقة تجاوزها، وكيف يمكن الحفاظ على ذلك الحبّ حارَّاً كالأنفاس مثلما بدأ، كلُّ ذلك نتعرَّف عليه في المقال القادم إن شاء الله.
1 تعليق
Pingback: الحب ومفاهيمه 2 | صحيفة حبر