تفقد الأشياء رونقها عندما تلامسها بباطن يدك، أو عندما تسقط من برجها المعلق على شلال وجدانك لتجلس بجوارك. فالقمر لم يعد ذاك الملهم الأنيق للشعراء المعاصرين، ولم يعد فسحة أمل للفتيات العاشقات يودعن أمانيهم في صندوق بريده ليحققها باليوم القادم. فقد تهشم زجاج جماله عندما حط رجال الفضاء هناك ليخبرونا بأنه كوكب كالأرض ممتلئ بالصخور والحجارة وكذلك هي الأشياء بشكل عام فكم من فتاة كنت ترقبها من بعيد، وتحلم بحديث معها لا يتجاوز الخمس دقائق، ويلجمك صوت عقلك هل تلك الجميلة العذبة ممكن أن تعطيك بضع ثوان فقط ؟؟؟
وعندما يسمح لك القدر بفرصة طائشة وتحاورها، فتكتشف بأنها فارغة تماما من الداخل، وعبارة عن أناء خرافي الصنعة ولكن الريح تعبث بقعره فتتحطم تلك الصورة الفريدة التي رسمتها بمخيلتك عن تلك الأنثى المركونة على رف زجاجي بين الأرض والسماء ومن أجل ذلك مرض فرط التعلق، مرض يحتاج العلاج بشكل جدي وهو منتشر جدا في الآونة الأخيرة وعلى نطاق واسع
وأعتقد بأنه لا يجب الارتباط بالمعنى الدقيق للارتباط بشيء معين إلى درجة كبيرة لكي لا ترتطم بجدار الحقيقة وتخيب أمالك، وتسافر عيناك بلا جواز سفر، وعواطفك بلا سابق انذار، وتشغف بشكل سريع بشيء معين
فلا تحاول الاقتراب وظل بعيدا لكي تبقي تلك المعاني الجميلة بداخلك طوال أيام حياتك كما تصورتها بعين قلبك عن ذاك الشيء ولعل هذا الأمر من صنع الخالق فهو يغار أن تعلق قلب أحد عباده بشكل كبير بشيء سواه وكما قال تعالى
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48]، فالله يغار على عبده أن يعبد غيره، وأن يتوجه إلى غيره بتذليل نفسه سواء كان ذلك بعبادته عبادة مباشرة التقليدية، يعني بالركوع والسجود أو كان ذلك بتعلق القلب، فإن الله يغار على قلب عبده المؤمن أن يتوجه إلى غيره، وأن يشتغل بغيره، وأن يمتلئ بحب غيره فالله صنعك لنفسه لتحبه أكثر من كل شيء رأته عيناك، او تعلق به قلبك وأنا هنا لا أقصد محبة الأولاد ،أو الأم ،أو الزوجة ، أو …طبعا بالمعنى الطبيعي لتلك العلاقة .
ولكن قصدت بعض الفئات من الشياب الذين أرتبطو أشد الارتباط بفنان ذائع الصيت، أو بلاعب كرة مشهور وتناسوا عن تقديمه العطايا للكيان الصهيوني (مثلا) وباتو يلاحقون جميع تصرفاتهم ويقلدونها. وصورهم في كل الأمكنة في غرفهم أو بوشمهم على أجسادهم حتى أصبحوا يتمنون بأن يحشروا معهم يوم القيامة !!
أنا لست رجل دين، ولكن مجرد كلمات في قلب الواقع المزري الذي وصلنا إليه فخلال عرض مسلسل نور ومهند التركي، كان هناك حالات طلاق عديدة في الوطن العربي لأجل ذاك المسلسل والأمر ليس مجرد نكتة أحاول أن أرسم الابتسامة على شفتاك عزيزي القارئ ولكنها الحقيقة المؤلمة وبعض القصص عندما جرح الزوج مشاعر زوجته، ودس أصابعه في أدراج أنوثتها. ليخبرها بأن نور أجمل منها، فخرجت عنقاء غيرتها من الروايات الخرافية وردت عليه ياليتك مثل مهند !!!فطلقها … لأن رجولته أهتز عرشها !!!!
الامر يحتاج للتعقل، والأدراك للعلاقة بيننا وبين الأشخاص، والجماد. فكن سفيرا مثقفا لإنسانيتك لتتجلى بتصرفاتك ووعيك وكن لمن صنعك …