سلوى عبد الرحمن
لا يعلم أحدٌ من السوريين متى ستنتهي الحرب والموت، وكلما لاحَ في الأفق بريق أمل تظهر معوقاتٌ جديدة تجعل الوضع أكثر تعقيدًا، فأضرارها لم تقتصر على الدمار والقتل والتشريد والإعاقات بل تسببت بارتفاع نسبة الكثير من الأمراض المزمنة والقاتلة كالسرطان والجلطات.
ما هو السرطان؟!
السرطان: هو مرضٌ يصيب أحد أو بعض أعضاء الجسم يتميز بنمو عشوائي شاذ للخلايا حيث أنَّ الخلية تعتبر اللبنة الأساسية في بناء الجسم.
الحرب زادت من انتشار المرض وفاقمت من معاناة المصابين
تشهد المشافي والعيادات الخاصة والجمعيات والمراكز الطبية التي تقدم خدمات علاجية لمرضى السرطان على تفاقم المرض خلال السنوات الأخيرة، ويمكن تخليص الأسباب في سوريا بالحرب التي ساهمت بحدوث أمراض وفيروساتٍ مُهَيِّئة لحدوث السرطان في حال بقيت بدون علاج.
وفي لقاء لجريدة حبر مع الدكتور “زهير فجر” أخصائي جراحة صدرية وعامة في مدينة إدلب أكّد لحبر زيادة انتشار أورام الثدي والرئة والمبيض عند النساء والبروستات والقولون والرئة عند الرجال خلال السنوات القليلة الماضية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المصابين بسبب عدم توفر المراكز المختصة والمعالجة لهذا المرض في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
واقع وأرقام مرعبة لمرضى السرطان!
إنَّ مركز fcfs فيريل في ألمانيا حصل على أرقام بنسبة الإصابة والموت بالسرطان لـــــــ 54% ، بينما تشير إحصائية وزارة صحة النظام إلى أنَّ نسبة الوفاة في السرطان 50,92 % وقد كانت لا تتجاوز 12% قبل الحرب.
وأضاف “د. فجر” تلعب الوراثة دوراً في مرض السرطان إلا أنَّ نسبة التلوث في البيئة الناتجة عن دخان المواد المتفجرة والكيماوية وتكرير النفط الخام بطرق بدائية عوامل ساعدت على تلوث الهواء والتربة والماء، وأيضًا التدخين والنرجيلة هي من أسباب حدوث أمراض سرطانية خاصة في الرئة والبلعوم.
وكان لغياب وانخفاض مستوى الرعاية الصحية ونقص الدواء دورٌ في تفاقم بعض الإصابات أو الأمراض التي تكون تمهيدية فتتحول إلى سرطانية.
ناهيك عن أنَّ قلة التغذية بسبب الفقر والاعتماد على المساعدات الغذائية لها دور في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان ولا يمكن أن نغفل عن المواد الغذائية المنتهية الصلاحية التي تنتشر في الأسواق خاصة اللحوم المجمدة إضافة لعامل الوراثة والوضع النفسي المتردي عند معظم السوريين.
فقدان المراكز يكلف مرضى السرطان مشقة وتكاليف في السفر
فقدان المراكز الصحية المختصة بعلاج مرضى السرطان في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام يزيد من معاناة المريض على الحواجز والطرق المؤدية لمشافي النظام في اللاذقية ودمشق، عدا عن تكاليف السفر المالية بهدف الحصول على جرعة مجانية.
حطت (سمر.م ) 48 عامًا من مدينة إدلب رحالها في اللاذقية عند أحد أقاربها بعد رحلة شاقة من الرياض لبيروت ومن بيروت لسوريا لإجراء عمليتي استئصال “ثدي وكلية” بسبب مرض السرطان في مركز المعالجة الكيميائية والشعاعية للأورام التابع لمشفى تشرين في اللاذقية فتكاليف العلاج باهظة في مشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض.
في لقاء حبر مع سمر في منزلها قالت: ” في بداية الأمر شعرت بوجود كتلة صغيرة بحجم حبة الحمص بالقرب من ثديي الأيسر وخلال شهر كبُرت بشكل مرعب وأصبحت مؤلمة فذهبت لطبيب في الرياض تبين بعد الفحوصات والخزعة أنَّ الكتلة سرطانية، وعليَّ انتظار دور قد تصل مدته لشهرين، علمًا أنهم تأكدوا من ظهور المرض في الكلية أيضًا فقررت العودة لسوريا لإجراء العملية”.
وأشارت “سمر” أنّ كل الفحوصات والصور والجرعات في اللاذقية مجانية عدا عملية الاستئصال فهي مكلفة فقد دفعت أكثر من مليون ل.س.
وتابعت “سمر” حديثها بحرقة تم الاستئصال وينبغي عليَّ أخذ 8 جرعات مما يعني أنني سأفقد شعري وبداية رحلة جديدة مع الألم الجسدي والنفسي فقد قالت إحدى الزائرات لي جملةً لا تغيب عن تفكيري ” جهزي باروكة لشعرك حتى لا تتأثري بفقده”.
لكن عليَ أن أتحدى الواقع والعودة للعمل في الرياض فأنا المعيلة الوحيدة لأخوتي بعد أن توفي والديَ خلال فترة إقامتي بالسعودية.
معاناة سمر تشبه معاناة آلاف السوريين من كل المحافظات المصابين بالسرطان سواء خلال التشخيص أو المعالجة أو في رحلة الحصول على الجرعات.
“درهم وقاية خير من قنطار علاج”
مقولةٌ مفادُها أنَّ الوقايةَ أسهلُ بكثيرٍ من العلاج
وأشار “د. زهير” على أن اكتشاف المرض بمرحلة مبكرة هو بداية الشفاء والوقاية أيضًا لها دور، وتبدأ أولاً من التقوى ثم الابتعاد عن كل ما يضر بالبدن كـالتدخين والسهر والأطعمة المخزنة والمعلبة والروائح السامة وبالنهاية الأعمار بيد الله وعلينا التداوي كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى بقوله “وإذا مرضت فهو يشفين”.
جرعات مجانية لبعض مرضى السرطان عن طريق الجمعيات
تعمل بعض الجمعيات على تأمين الجرعات لمرضى السرطان كما هو الحال مع “فريق ملهم التطوعي” في إدلب فقد عمل على تأمين جرعات مجانية لـــ 20 مصاب بشكل مجاني، كما قال “حسام طحّان” مدير الفريق لــــــ حبر
لذلك ينبغي على مديرية الصحة بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في إدلب إيجاد مراكز توعية للكشف المبكر عن السرطان ثم إيجاد مراكز مخصصة للحصول على التحاليل والصور المطلوبة ثم تأمين الجرعات بشكل مجاني للمرضى.
يذكر أنَّ مركز “حميميم” الروسي للمصالحة في سوريا أوصل في بداية الشهر الجاري 300 كغ من الأدوية والعقاقير لعلاج السرطان إلى مركز المعالجة الشعاعية والكيمائية للأورام بحسب انترفاكس.
أمرٌ متناقض يثير الاستغراب أنَّ روسيا التي قتلت بشكل مباشر أو غير مباشر الكثير من المدنيين وتسببت بإعاقات وأمراض قاتلة كالسرطان ترسلُ الدواء لعلاجهم.