غسان الجمعة |
حمل وزير الخارجية العماني صفقةً لبشار الأسد يتعهد فيها (العرب) بإصلاح الأوضاع في سورية ودعم بقائه رئيساً عليها مقابل التخلي عن إيران، بحسب ما أعلنت صحف محسوبة على الخليج العربي.
وزير الخارجية العماني نفسه كان يقود منذ فترة وساطة للصلح بين الولايات المتحدة وإيران، والولايات المتحدة منذ فترة اتهمت سلطنة عمان بالتغاضي عن تهريب أسلحة للحوثيين في اليمن عبر أراضيها، كما تُعدّ السلطنة إحدى الدول التي تصفها إيران بالصديقة، ويوجد حجم تبادل تجاري يصل إلى أكثر من 300 مليون دولار بين الدولتين وفق تقديرات 2016 وكانت موانئ عمان مفتوحة دوماً للإيرانيين قبل العقوبات الأمريكية الأخيرة.
كما أعلنت إيران أنها وقَّعت مع السلطنة مذكرة تفاهم للتعاون العسكري في زيارة قام فيها وفد عسكري إيراني لمسقط في نيسان الماضي.
كل هذه المؤشرات يصعب معها تصديق أن الوزير العماني ذاهب لكي يقايض إيران بالأسد، هذا غير أن القاصي والداني يعلم أن الأسد لم يعد صاحب الكلمة في سورية، وهو لا يتجاوز كونه سكرتيراً مزدوجاً للإيرانيين والروس يحاول تنسيق العلاقة بين الدولتين اللتين تحتلان سورية بموافقته.
ما يُريده (العرب) من هذه الصفقة هو المشاورة حول كيف يمكن إعادة تعويم الأسد دون خسائر أكبر لصالح تركيا وليس إيران؛ لأنهم يعلمون أن إيران موجودة بزخم كبير وضمن تفاهمات مع الجميع، ولن يستطيع أحد إخراجها، ولكن ربما يقنعونها بأن تَشبعَ بعد سورية، ولا تصل مطامعها إلى عروشهم.
حالة العداء بين الخليج العربي وإيران هي ما يحفظ عروش هذه المنطقة من الزوال، وهي البعبع الذي لا يريد أحد أن يخسره في المنطقة للاستمرار في قمع الشعوب وتخويفها منه دينياً ومدنياً، ولعل ما فعلته إيران في سورية خدمَ الترويج لها عند الشعوب العربية على أنها كارثة بشكل جيد، وأعطى مسوغاً للحكومات العربية لتسحل كل معارضيها بحجة الوقوف في وجه الخطر الإيراني الذي يتحالفون معه من وراء الكواليس.
فالإمارات الدولة التي تقف في بداية المعسكر المواجه لإيران إلى جانب السعودية، هي الدولة العربية الأولى في حجم الاستثمارات مع إيران، كما أنها الدولة العربية الأولى التي سارعت لفتح سفارتها في دمشق لتستمر بالتطبيع مع الحاكم الإيراني الفعلي هناك، وهي الدولة العربية الأولى أيضاً التي تحتل إيران منها أراضٍ بشكل مباشر وضعها شبيه بالجولان بشكل كبير مع عدم وجود مفردة الاحتفاظ بحق الرد، فقد تم التخلي عن أيِّ ردٍّ نهائياً.
ينظر العرب إلى إيران كعدو صديق لا يُهدد مصالحهم، كما كانوا ينظرون إلى الكيان الصهيوني قبل أن يقرروا صداقته على الملأ، بل على العكس يساهم في تقوية أركان حكمهم باسم الوقوف بمواجهته، بينما ينظرون إلى تركيا كعدو مباشر يُهدد استمرار تجربته الناجحة التي ينتمي إليها معظم الطيف العربي عقائدياً بتجاربهم الاستبدادية، لذلك لا بد من إضعافها وعدم السماح لها بالوجود في أي محيط عربي، والعمل للقضاء عليها إن أمكن ذلك، ولأجل هذا يقترحون باستمرار أن تذهب جيوشهم إلى شمال سورية بحماس كبير لا يوازي حماسهم لإرسالها إلى حدودهم المتاخمة لإيران التي هي العدو المفترض الذي يحاربونه بالدعاية وبالأعمال الكرتونية، بينما يُحاربون تركيا اقتصادياً وعسكرياً عن طريق دعمهم المباشر للمليشيات الانفصالية في الشمال السوري.