تعد المشكلاتُ الصحية من أصعب المشكلات التي تواجه الشعب السوري فمنذ بداية الثورة السورية بدأت حملات القصف العشوائي تستهدف البنى التحتية والمؤسسات المدنية وعلى رأسها المشافي والنقاط الطبية ومع دخول الاحتلال الروسي ليكون عوناَ للنظام في قصف المدنيين حيث دمرت المقاتلات الروسية منذ دخولها وحتى الآن أكثر من 59 مركزا طبيا بين مستشفى ومستوصف ونقطة طبية أولية وهذا ما أدى إلى تراجع الحالة الصحية للشعب السوري فأصبح الأطفال أكثر عرضة للأمراض المزمنة والأوبئة المنتشرة بمسبباتها المختلفة فبدأت المنظمات الإنسانية تمارس دورها في إيصال الخدمات الطبية لمستشفيات الداخل السوري وإحداث نقاط طبية جديدة مختلفة المهام والمسؤوليات.
منظمة أطباء عبر القارات كانت إحدى تلك المنظمات وهي هيئة إنسانية عالمية تتبع لرابطة العالم الإسلامي والتي تقدم الخدمات الصحية والطبية للشعوب المتضررة من الأزمات والحروب حيث كانت هذه المنظمة تقدم المساعدات الطبية للسوريين اللاجئين في دول الجوار منذ أواخر عام 2013 ومن ثم بدأت بتشكيل مراكز طبية في الداخل السوري الهدف منها تقديم الرعاية الصحية للشعب السوري وإصلاح الدمار الذي خلّفه النظام وحلفاؤه.
فقد أحدثتِ المنظمة في سوريا ثمانية مراكز صحية خمسة منها في ريفي حلب وإدلب كالمراكز المتواجدة في ريف حلب الغربي إضافة إلى مراكز في مدينة حلب.
وللحصول على تفاصيل أكثر التقينا الآنسة كفاء ديبو المسؤولة عن جميع المراكز الموزعة في ريفي حلب وإدلب قالت بأن كل مركز صحي يندرج تحته مشروعان أولاهما مشروع تغذية الرضع والأطفال دون عمر السنتين والآخر مشروع الصحة المجتمعية الذي يهدف إلى زيادة الوعي الصحي لدى المرأة ويستهدف كل مركز النساء المرضعات بشكل خاص والأمهات بشكل عام.
مشروع تغذية الأطفال:يقدم المشروع جلسات جماعية للنساء المرضعات تتضمن التوعية حول تغذية الطفل بشكل سليم والعناية به أثناء الرضاعة حتى بلوغ العامين ويقدم أيضاً جلسات طعام أسبوعية يطرح خلالها الطريقة الصحية لتحضير طعام الأطفال ونوعية الطعام التي يمكن تقديمها للأطفال بشكل صحي ومتوازن.
كما يساهم هذا المشروع في تزويد النساء بحقائب ألبسة للأطفال حديثي الولادة وحقائب نظافة إضافة إلى تقديم الحليب في حالات خاصة ويقدم المشروع أيضاً مجموعة من الفيتامينات التي تساعد الأم على تغذية الطفل بشكل طبيعي وصحي.
مشروع الصحة المجتمعية:هو عبارة عن مجموعة متنقلة من الممرضات هدفها التعريف بالأمراض المزمنة وسبل الوقاية منها وعلاجها إضافة إلى تزويد الأمهات بجلسات الدعم النفسي التي تساعدهم على تحمل سلوكيات الأطفال الصغار واستيعاب تصرفاتهم أياً كانت طبيعتها كما يقدم مشروع الصحة أغذية للأم خلال فترة الحمل وتوزيع الأدوية التي تعد غير موجودة وباهظة الثمن إن وجدت ويقدم المشروع أيضاً حبوب الكلور التي تساعد في تعقيم مياه الشرب التي تعاني معظم المناطق من تلوثها أو عدم توفرها حتى.
وتساعد المراكز أيضاً في اكتشاف حالات سوء التغذية بإشراف طبيب مختص بالأطفال وطبيبة نسائية يقومان بزيارات أسبوعية على جميع المراكز وظيفتهما الكشف على الأطفال الذين تبدو عليهم حالات مرضية وتقديم الأدوية المناسبة لكل حالة من الحالات.
وللتعرف على طبيعة العلاقة بين الكوادر الطبية والفئات المستفيدة من الخدمات التي تقدمها المراكز التقينا إحدى الممرضات التي كانت تقوم بتنقلات متكررة على المنازل وعبرت بقولها إن المراكز لاقت استحسان الأهالي والنساء بشكل خاص وذكرت أيضاً بأن هناك تفهم من قبل النساء أثناء حملات التوعية الصحية ولم يكن هناك أي عائق أمام الحملة ولم تتواجد أية عرقلة تعيق سير الحملة التوعوية التي تتميز عن حملات التلقيح بأنها تقدم النصائح والارشادات للمرأة نفسها.
ومن خلال تنقلنا مع فرق التوعية لامسنا ذاك الدور الهام الذي تمارسه المراكز عن طريق توعية المرأة وتحذيرها من أشياء عديدة قد تكون عادات سلبية عند كثير من الأطفال بهدف النهوض بالواقع الصحي للمرأة وأطفالها انطلاقاً من الواجب الإنساني الذي تلتزم فيه المنظمات تجاه المجتمع السوري.