جاد الغيث |
منذ بداية الثورة في سورية ونحن نتابع أحداثها الدموية عبر (الفيسبوك) كنا نشاهد صور الدمار والخراب والدماء ونضغط خيار (أعجبني) !
لم يكن هناك خيار آخر للتعبير عن تأثرنا وتفاعلنا مع ثورة شعب يبحث عن قليل من الكرامة والإنسانية!!
بعد سبع سنوات لم يتغير شيء، الصور تزداد قساوة وبشاعة وألما، مساحة الدمار توسعت آلاف المرات، ووجوه النازحين صارت أكثر حزنا وتجاعيداً، ومع كل يوم جديد من عمر الثورة السورية تموت شجرة خضراء وينبت مكانها خيمة في العراء.
صارت الدماء تكاد تنشر رائحتها حولنا، ونحن نتابع الصور عبر العالم الأزرق، لكن أصبح لدينا خياران جديدان للتعبير عن مشاعرنا (أغضبني و أحزنني)
فلم يعد يليق بنا أن نضغط أعجبني والدماء تكاد تغرقنا وأشلاء أخوتنا صارت قناديل معلقة في سمائنا!
الثورة المباركة التي حلمنا بها لنصف قرن صارت كابوسا أسو، والليل بالنهار التحما وصارا وقتنا كله غروبا لا شمس فيه ولا ضياء، لم يبق لنا من ثورتنا سوى صوت المظاهرات التي تشتم روسيا وإيران وتلعن الأسد، ومئات المتظاهرين يخرجون كلما زاد عدد المجازر، ينددون ويرفعون اللافتات ويعودن إلى بيوتهم ورؤوسهم مرفوعة وقلوبهم مكسورة.
الثوار صاروا مجرد مرابطين على الجبهات الباردة كثلج قطب لن يذوب، لحفظ ما تبقى لنا من بقع صغيرة مبعثرة هنا وهناك ومحاصرة ومخنوقة، بل هي بالأحرى سجن كبير بلا جدران، لكنه مفعم بهواء الحرية.
نعم، ثمن الحرية كان باهظا جدا، دفعه من يريدون الحرية ومن لا يريدونها، سالت من أجله الدماء، وغصت في سبيله المعتقلات، وشرد الملايين، وهدمت بيوت ومساجد وأسواق، ودمرت حضارة كانت تفخر بها سورية على مدى آلاف السنين.
ويبقى السؤال المعلق كحبل مشنقة تلوح فوق رأس كل منا: ماذا بعد؟!
ويأتي الجواب منكسرا قاتلا: (ليس لنا من الأمر شيء !!)
فسوريتنا الحبيبة صارت في أيد غريبة، وصار هجرها حلم يراود جميع أبنائها!!
يدفعون المال ويخاطرون بأرواحهم هربا منها ويطمحون بلقاء مجهول لا يعرفونه في بلاد بعيدة ليست بلادهم، وأرض ليست أرضهم، ولغة لا يفهمون كلماتها!!