بقلم: عدي الحلبي.
منذ قيام الثورة المباركة في أوائل عام2011 للمطالبة بحقوق الشعب المشروعة، واتباع النظام لأقسى أنواع القتل والتعذيب، واعتقال العديد من المتظاهرين والناشطين، امتلأت السجون بالمطالبين بإسقاط النظام، ممَّا أدى إلى انتشار الثورة على مساحة الأرض السورية، سلمية بأغصان الزيتون.
ولكن بعد ازدياد مظاهر العنف ووسائله المتبعة من قبل أجهزة النظام الأمنية، مستخدمة الأسلحة النارية والرصاص الحي، سلكت الثورة بعد ذلك طريق المقاومة المشروعة، للدفاع عن النفس والمطالبة بالحقوق، بل وأبسط الحقوق.
ومن جهة أخرى لم تعد المظاهرات السلمية وسيلة للوصول إلى الهدف المقصود وإسقاط نظامٍ امتهن التعذيب، وباتت مهمته القتل بهدف إنهاء المظاهرات والقضاء على الثورة وإخمادها.
ولكن بعد سنوات خمس على قيام الثورة لا يخفى على أي منَّا أنَّ الوقت الراهن يعتبر من أصعب الأوقات التي مرَّت على الثورة منذ انطلاقها من درعا مع تشابك خيوط الثورة وتوسعها، لتصبح قضية عالمية تضم أطرافاً عديدة في خضمها تسترعي الاهتمام العالمي، وتكاتف جميع القوى العالمية لحل الأزمة سياسياً و عسكرياً.
بالإضافة إلى وجود الحل السياسي القائم على الحوار وفرض الهدن، إلى جانب الحل العسكري الذي يرى كثيرون بأنَّه الحل الأمثل وخاصة مع تواصل الخرق المتواصل للهدنة جهارا.
وممَّا لوحظ مؤخراً معاناة الثوَّار من أزمة عسكرية سببها عدم تكافؤ القوى، لاسيما مع تكالب الميليشيات إلى جانب النظام كالإيرانية واللبنانية، بالإضافة إلى القوات الكردية التي يقطف النظام ثمار منحِهم الجنسية في بداية الثورة، بالإضافة إلى المقاتلات الروسية التي أدَّت إلى خسارة مساحات كبيرة من المناطق المحررة خاصة في ريفي حلب و اللاذقية.
ومع اقتراب انتهاء السنة الخامسة لاندلاع الثورة، عادت الثورة كما انطلقت إلى الساحات تزغرد بأهازيج الحرية، مطالبة بإسقاط النظام ومحاسبة المسؤولين عن التهجير والدمار الحاصل، مؤكدين على استمرار الثورة في جمعة “الثورة مستمرة” مطالبين بتوحد جميع الفصائل تحت راية واحدة، للوقوف في وجه الأزمة الراهنة، ومواصلة المسيرة حتى بلوغ النصر ولو بعد حين.
فقد أكَّدت الحشود المتظاهرة على رفضها الحلول السياسية الهادفة لتمييع الثورة وحرفها عن أسمى أهدافها من خلال المؤتمرات المتكررة ورفض التدخل العسكري إلى جانب النظام ضد الشعب الأعزل، بالإضافة إلى المطالبة بإخراج المعتقلين، مؤكدين بأنَّهم لن ينسوا دماء الشهداء الذين ضحوا بدمائهم.
وتأتي أهمية عودة المظاهرات في هذه الفترة بالذات إلى أنَّها تمثل الردَّ الأمثل لما يقوم به النظام من مسرحيات ومصالحات مزعومة، محاولاً استيعاب الثورة ضمن كنف المصالحات الوطنية التي لن تكون كفيلة بإعادة الحقوق، ولن تكون بديلة عن دماء الشهداء، فهي كفيلة بإخماد الثورة.
ولربَّما رأى السوريون أنَّ المظاهرات السلمية قد توجه رسالة شديدة اللهجة إلى النظام وعملائه، تؤكد أنَّ الثورة مستمرة ولن تستكين، وترسل رسالة إلى الفصائل مفادها أن توحدوا، فأنتم تحملون قضية أمة، و تدافعون عن حقوق شعب….