كرمال الله يا إعلاميين أنتم صوتنا تكلّموا عن غلاء آجار البيوت في المناطقِ الآمنة، نحن نازحون ولا نعمل من أين نأتي بمئاتِ الدولارات كي يكونَ فوقنا سقفٌ يأوينا، هل يرضيكم أن نفترِشَ الشّارع، أين مجلسُ مدينة إدلب؟ و أين هيئة الدّعوة والإرشاد من هذا الأمر؟، نحن نجلس في الشارع وأصحاب البيوت في مناطقِ النظام أين العدل؟
هكذا تكلّم أحدُ المهجَّرين على إحدى صفحاتِ التواصل الاجتماعي.
كَثُر الحديثُ في الفترة الأخيرة عن تأمينِ بعض الجمعيات والمنظّمات الخيريّة لبيوتٍ وشققٍ للمهجَّرين، وقد سمعنا جعجعةً ولم نرَ طحيناً.
وقد قامت إحدى الجمعيات بتأمين بضعِ عشراتٍ من البيوت في الشتاء الماضي لبعض المهجَّرين وقام البعض الآخر بجهودٍ فرديّة لتأمينِ بضعةِ بيوتٍ أيضاً، ولكن في الحقيقة هذه الأعمال الإنسانية لا تغطّي إلا نسبة 1% فقط من حاجة جميع المهجَّرين، صحيحٌ أنَّ هناك خياماً فارغةً في بعض المخيّمات لكنَّ السّكن في خيمةٍ في هذا الحر الشديد صعب جداً، وفي ظلِّ عدم الاهتمام بهذه المخيمات وسوء الإدارة ووجود الفساد في بعضها، فضَّل الكثير من أهل المخيّمات البحث عن بيوتٍ للآجار في المدن أو القرى القريبة بالرّغم من قلّة المدخول وغلاء البيوت مما تسبَّب بأزمة سكنٍ كبيرة في جميع المناطق.
يقول أحد المهجّرين: “بعد خروجنا من مدينة حلب توجّهنا إلى الريف الغربي كانت المشكلة الرئيسيّة هي تأمين السكن، لقد قمت بالكثير من التّنقلات بين مخيمٍ وآخر وأخصُّ بالذكر مخيّمات المهجّرين قسراً، وقد قُدّمت لنا الإسفنجاتُ والبطانياتُ ثم كأنَّ شيئاً لم يكن، للأسف هذه الخيام لا تسكنها الكلاب لسوء الخدمة وسوء الاهتمام بالنظافة ووجود المحسوبيّات في بعضها”.
يقول أبو العبسي زرزور دلّال عقارات في منطقة الشيخ ثلث في مدينة إدلب: “أنا أريد أن أؤجِّر أكبر عددٍ من البيوت لكي أعملَ وآخذ دليلةً لكن للأسف مدينة إدلب امتلأت ولم يعد هناك بيوتٌ للآجار بسبب ازدياد الطّلب على البيوت وبسبب غلاء البيوت في الأرياف وخصوصاً المناطق الحدوديّة بعد أن أصبح الدفع بالدولار وبأسعار مرتفعةٍ جداً ومعظم الناس المهجّرين أصبحوا يفضِّلون مدينة إدلب بسبب رخص الآجار فيها مقارنةً بباقي المناطق، والبيت الذي يؤجَّر في مدينة إدلب بـ25 ألف ليرة -على سبيل المثال- يؤجَّر في سرمدا أو الدانا ب125 ألفاً أي خمسة أضعاف السعر وهذا إن وجد، أمَّا بالنسبة للبيوتِ المفروشة وغير المسكونةِ في إدلب فأغلب أصحابها عندهم مزارع، وهؤلاء يأتون كلَّ أسبوع إلى بيوتهم، والبعض الآخر من أصحاب هذه البيوت مسافر خارج البلد وقد أمَّن المنزل مع أحد أقاربه أو جيرانه، وهم لا يفضِّلون تأجير هذه البيوت المفروشة خوفاً على أثاثها من التلف نتيجة الإهمال أو السرقة من قبل بعض المستأجرين.
ونظراً لأهمية هذه المشكلة قامت صحيفة حبر بلقاءٍ صحفي مع رئيس مجلس مدينة إدلب إسماعيل عنداني لسؤاله عن كيفية حل هذه المشكلة:
ماذا يفعل مجلس مدينة إدلب للتخفيف من معاناة المهجرين بالنسبة لموضوع تأمين السكن، لماذا لا تتواصلون مع المؤسّسات والجمعيات الخيريّة للعمل على إيجاد حلولٍ لهذه المشكلة، كإصلاح بعض البيوت المتضرِّرة أو البيوت غير المكسيّة وإيواء المهجَّرين فيها؟
“لا يوجد عندنا في مدينة إدلب أيُّ عائلةٍ باتت في الشارع دون إيواء وهناك مراكزُ إيواءٍ موجودةٌ في المدينة غالباً تكون بشكلٍ مؤقت حتى تأمّن العائلة سكناً مناسباً، وكان لدينا نسبةٌ من البيوت غير المشغولة في مدينة إدلب وقد استأجرتها معظم هذه العائلات، وحالياً نبحث عن إمكانية لإطلاق مشروع للأبنية غير المكسيّة وغير المجهّزة وفي حال استطعنا استجلاب دعم ٍلبعض هذه الأبنية سوف نكسيها بشكلٍ سريع ثمَّ نقدّمها لمن يستحقُّ من المهجِّرين لكن هذا الكلام مازال عبارةً عن فكرة قيد الدراسة والبحث عن منظّمات تقوم بهذا العمل.
نحن كمجلس مدينةٍ نوجّه نداءً عبر هذا المنبر لكافة المهّجرين والوافدين والضيوف القادمين من مناطقَ مختلفةٍ بتشكيل لجان تمثيلٍ لهم والتواصل مع مجلس مدينة إدلب بهدف التشاور ووضع الحلول الإسعافيّة بالنسبة لهذا الموضوع وأيِّ موضوع آخر كالإغاثة أو موضوع العمل، لكنّنا لا نستطيع اتخاذ إجراءاتٍ من طرفٍ واحد فنحن بحاجة للتواصل مع الفئات التي ذكرتها التي تمثّل أخوتنا المهجّرين.
ونحن في مجلس مدينة إدلب دائماً أبوابُنا مفتوحة ومُشرَعة لكلِّ أخوتنا القادمين ونعتبرهم ضيوفنا وليسوا مهجّرين ولا يوجد لدينا أي نوعٍ من التمييز تُجاه أيّ شخصٍ سواء أكان مهجراً أم مقيماً بالأصل ونحن مستعدون للتعاون مع أيّ جهة تمثيليّة أو لجان تمثّل أخوتنا المهجّرين.
أما بالنسبة لخبر إنشاء 2000 وحدةٍ سكنيّة للمهجّرين في مدينة إدلب فهذا الخبر غير صحيح أبداً ولا يوجد شيءٌ من هذا القبيل لكنّنا سمعنا أنه سيكون في ريف جرابلس.
يقول أحد المهجرين لماذا لا يقدّم المجلس المحلي أرضاً من أملاك الدولة للمهجّرين بعد تقطيعها من قبل مهندسين مختصين لتقوم العائلة المهجّرة بالبناء عليها بطريقةٍ شرعيّة ضمن ضوابطَ معينةٍ، وهناك الكثير من الجمعيّات التي قد تساعد في تخديم مثل هذا المشروع من حفر آبار وفتح طرقاتٍ وتخديمها بالنظافة إلخ…؟
لا يوجد شيءٌ اسمه أراضٍ للنظام لكن هناك أملاك الدولة وغالباً هذه الأراضي تكون خارج المخطّطات التنظيميّة قد تكون بالريف سواءً القريب أو البعيد وبالتالي إمكانيّة تخديمها بشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء تبقى شبه معدومة ونحن لا نريد إنشاء تجمّعاتٍ عشوائيّة قد تخلق مصائبَ في المستقبل القريب لأنّنا بمجرد وضع أوّل حجرةٍ فيها سوف نعاني من المشاكل، وهذا الكلام نظريّ فقط وهناك استحالةٌ في تطبيقه لأنّه لا يجوز إنشاء منطقة مخالفاتٍ سنقع في مشاكل تخديمها مستقبلاً، لكن يُفترض أن تلحظ منطقة تنظيميّة جديدة فيها إمكانية التخديم بالماء والكهرباء والطرقات والصرف الصحي ويوضع نظام طابقي ونظام عمراني معيّن، وهل ستكون أبنية منفصلة أم هي أبنية تجارية أم هي أبراج على سبيل المثال، نحن لا نستطيع إيجاد حلٍّ آني وبعد فترة سنةٍ أو سنتين ندخل بمتاهات كيف سنؤمن الخدماتِ لهذه المنطقة، وقد أصبحت لدينا مناطقُ سكن عشوائي، ويُفترض أن يكون هناك دراساتٌ من البداية لتنظيم مثل هذه المناطق.
هل تستطيعون تجهيز بيوت ضبّاط النظام والشبيحة وبيوت جمعيّات وأملاك النظام لتقديمها إلى العائلات التي هجرت قسراً وأصبحت اليوم بلا مأوى؟
هذا الأمر يحتاج إلى تأطيرٍ قانوني، فهناك بيوت للجمعيّات وبيوت ملك للشبيحة أو لضبّاط النظام ولكن هذا الأمر يحتاج إلى أجراءٍ قانوني لأنّه عندما سنضع يدنا على بيوت جمعيّة على سبيل المثال فيجب علينا معرفة المكتتب بهذه الجمعيّة وكم دفع من أصل قيمة البيت وهل هناك متخصّصٌ لهذا البيت، وإن كان بلا تخصّص فإنّ له إجراءً مختلفاً عن الإجراء الأول، وهناك إجراءاتٌ قانونيّة لا بدَّ من اتخاذها قبل أن نخطي بأيِّ خطوةٍ في موضوع توزيع هذه البيوت، ولا بدَّ من وجود حكمٍ قضائي بأنَّ هذه البيوت آلت ملكيتها لمجلس المدينة مثلاً أو هي بيوت مصادرةٌ، ونحن في المجلس لا نستطيع أن نكون مكان القضاء ونأخذ إجراءً كهذا، لذا يجب أن يكون هناك إجراء قضائي أولاً ونحن نلتزم بالحكم القضائي، هناك مسؤوليّة على القضاء ويجب البتّ بملكيّة البيوت المستولَى عليها أو المصادرة ووضع هذه البيوت تحت تصرف جهةٍ عامة تقوم بالتصرّف بهذه البيوت سواء أكان تأجيراً أم استثماراً بشكل مؤقتٍ أو دائم”.
ها هم المهجرون من حي الوعر في مدينة حمص قد فضّلوا العودة إلى مناطق النظام على المكوث في قهر الخيام في مدينة جرابلس، بسبب سوء التعامل معهم وعدم تأمين المكان المناسب لهذه العوائل الكريمة، لكن هل سيتكرَّر هذا الأمر في باقي المخيّمات الموجودة لدينا و هل سنخسر ما تبقّى من الحاضنة الشعبيّة؟