بقلم : إسماعيل المطيرمن المؤسف حقًا رؤية الحال التي وصل إليها الشعب السوري بعد كل ما جرى له من القتل والجوع والمرض والفقر، ثمَّ النزوح إلى دول الجوار، فقد تشرد أكثر من نصف الشعب السوري بين الداخل والخارج.لم يكن ذلك الأمر اختياريا عند غالبية الناس، بل كان وضعًا إجباريًّا دفعتهم إليه مخاطر القصف والحصار ومجازر السفاح التي لا تنتهي.وممَّا زاد الطين بلَّة في الواقع هو تحول اللاجئين في دول الجوار إلى مجرد وسيلة للتسول باسمهم والمتاجرة بلقمتهم، حيث حققت تلك الدول من العائدات التي حصلت عليها من المساعدات الدولية مالم تكن تحلم به من قبل، وربَّما لا يستثنى منها سوى “تركيا” التي وقفت حقيقةً إلى جانب الشعب السوري، فاتحةً أبوابها وأراضيها وسوق عملها أمام السوريين، غاضةً الطرف عن النتائج السلبية الناتجة عن ذلك، في الوقت الذي تضيق فيه الدول العربية “الشقيقة” الخناق على السوريين بشكل لا يطاق، حيث يحاصر السوريون في المخيمات ويحرمون من أبسط الحقوق الإنسانية، فيعانون معاناة الأسير مرتين، مرة لغربتهم عن بلدهم، ومرة بسبب المعاملة السيئة التي يلاقونها من أشقائهم.المؤتمر الدولي الثالث للمانحين الذي أقيم مؤخرا أسفر عن تقديم مبلغ قدره 3.8 مليار دولار من المفروض أن تصرف لتخفيف الأزمة الإنسانية في سورية، في حين أنَّ المبلغ اللازم لذلك حسب تصريحات وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والطوارئ “فاليري آموس” هو 8.4 مليار دولار، وبالتالي فإنَّ المبلغ لن يكفي لسدِّ نصف الاحتياجات، فيما لو تمَّ إنفاقه بالشكل الصحيح.والسؤال الذي يفرض نفسه في الوقت الحاضر هو: كيف سيتم إنفاق ذلك المبلغ في الوضع الراهن؟!.سيوزع المبلغ المذكور بغالبيته على دول الجوار التي “تستضيف” اللاجئين وربَّما يتم تسليم جزء منه لمنظمات رسمية سورية كالهلال الأحمر الذي بات من الواضح تمامًا عمله تحت جناحي نظام الأسد، وبالتالي سيستفيد النظام من تلك المساعدات بحجة توزيعها على المشردين الذين شردهم “الإرهاب “على حدِّ زعمه.الأمر ذاته سيحدث في دول الجوار “الشقيقة”، حيث من المتوقع أن تنفق المبالغ الممنوحة على أمور لا تمس اللاجئين السوريين من قريب أو بعيد، بحجة تعويض الخسائر الاقتصادية التي نتجت عن استضافة اللاجئين، وإن بقي من تلك المساعدات فضلة اقتسمها تجَّار ثورتنا ليبقى شعبنا خارج الدائرة تمامًا.لقد تحول اللاجئون السوريون في دول الجوار إلى دجاجة تبيض ذهبًا ومصدر رزق للدول المضيفة التي إن جادت بشيء من الفتات، فذلك لكي يستمر اللاجئون على قيد الحياة، ويستمر التسول باسمهم.صار استقبال اللاجئين تجارة رابحة هذه الأيام بعد أن كان يعدُّ من الأعباء التي تثقل كاهل الدول المضيفة.لا ندري ماذا ستبدي لنا الأيام في المستقبل …. ضاع شعب بأكمله والقادم أدهى وأمر.