تقرير: عمر عربما زالت الآلام والصعوبات ملازمة لحياة المدنيين الذين باتوا يصارعون الحياة بالصبر والأمل، و المشاكل والعوائق أخذت حيزاً واسعاً من حياتهم حتى وصلت إلى لقمة عيشهم، وذلك نتيجة للغلاء الفاحش الذي شمل كل نواحي حياتهم بشكل عام والمواد الغذائية والخضروات بشكل خاص، إذ إنَّ الخضروات تعتبر من المزروعات المحلية ومصدرها ريفا حلب الجنوبي والشرقي اللذان لم يعد لأصحاب الأراضي الزراعية فيهما أية سلطة لهم على أراضيهم، وذلك إمَّا لتحول أراضيهم إلى خطوط جبهات، أو لوقوعها تحت سيطرة أحد الأطراف المتنازعة، أمر يعكس آثاره السلبية ليس فقط على أصحابها بل على الثروة الزراعية بشكل عام، كما أنَّ تراجع المساحات الزراعية سيخفّض معايير العيش سواء للمجتمعات الزراعية الريفية التي كانت تعتمد على الزراعة أو سكان المدن الذين يعتمدون على ما يأتيهم من الأرياف من خضروات ومواد زراعية أخرى بشكل عام، وإنَّ تناقص المساحات الزراعية والعاملين فيها والمردود الذي يأتي منها نتيجة للصراعات القائمة سيشكل أزمة إنسانية كبيرة سواء من الناحية الصحية أو الغذائية، وسيزيد الطلب على الغذاء دون مردود يعوض النقص الجاري، وسترتفع معه الأسعار لجميع الأنواع الغذائية وكل ما يرتبط بها، والأمر لن يتوقف عند هذا الحد بل سيتعداه إلى أمور أخرى، حيث سترتفع أسعار الخضروات والمواد المرتبطة بها، وهنا تكمن المشكلة ولن يكون الضحية سوى المواطن الذي يقع في عجز وتراكم دائم أمام هذا الغلاء المتزايد. حسام 40 سنة “بائع خضروات”: إنَّ الغلاء الفاحش مرتبط بعدة أمور أهمها: غلاء الدولار بشكل متزايد، والذي يترتب عليه ارتفاع ضمن نواحٍ أخرى تجعلنا نرفع من الأسعار، والأسعار مرتبطة بشكل أساسي بالطريق، فعندما تطول مسافة الطريق ترتفع أسعار الخضار، وذلك لأنَّنا نضطر لدفع مبالغ مالية في الطريق، عداك عن مصاريف المحروقات التي نستهلكها في طريقنا أثناء الذهاب والعودة حتى إيصالها للناس.أيمن 30 سنة : التُّجار يبررون أنَّ الغلاء هو بسبب ارتفاع سعر الدولار متناسين أنَّ معظم الأصناف محلية الزراعة ولا يتعاملون في شرائها بالدولار، بل يعللون ذلك بأمور أخرى إضافية منها مصاريف الأسمدة والمحروقات والشحن وما إلى ذلك، الغلاء شمل كل احتياجاتنا الضرورية في الحياة من طعام وشراب ولباس حتى الدواء.طارق 25 سنة “صاحب محل ألبسة”: المشكلة أنَّ الغلاء وارتفاع الأسعار لم يتوقف عند صنف واحد من الخضروات أو الفواكه بل تعداه ليشمل مواد أخرى كالأغذية غير النباتية، كالسكر والرز والزيت خاصة أنَّ هناك أناس كثيرون يعتمدون في عيشهم عليها من خلال المساعدات الإغاثية، ونتيجة للاستهلاك الكثير منهم لا تكفيهم لآخر الشهر، خاصة أصحاب الأسر الكبيرة، فدخل المواطن ربَّما لا يكفي تأمين الخبز والمازوت في ظلِّ هذا الغلاء والجو البارد.ياسر 35 سنة “مدرسة”: إنَّنا نعيش في وقتنا الحاضر الكثير من الأزمات والمشاكل التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والمال لمواجهتا، وأزمة الغلاء التي قد اجتاحت حياتنا هي للأسف أزمة أخلاق قبل أي شيء، حيث إنَّ هناك عدد كبير من التجار يتاجرون بلقمة عيش المواطن الذي لا حول له ولا قوة، والذي يضطر لأن ينحت في الصخر من أجل تأمين لقمة عيشٍ لأطفاله، ولحظة دفء أيضاً تقييهم شرَّ أمراض هذا الجو الذي نعيشه، كثير من الناس باتوا يتمنون لو يكون لديها القدرة على شراء الخضر والفواكه التي لم يتخيلوا أن تصل أسعارها إلى هذا الحد من الغلاء، وتحول كلُّ اعتمادهم على ما يتوفر في المنزل من بضع مواد ربَّما تشكل لهم طعاماً لكن للأسف ليس كالذي يشتهونه.لؤي 50 سنة : من كان يتوقع أن يصبح سعر البندورة أغلى من الموز الذي كان يتربع على عرش الفواكه الأغلى سعراً؟! أصبحنا نمرُّ في السوق نرمي السلام على الخضروات ولا نشتري إلا ما كان ضرورياً، علماً أنَّ هناك كثير منها بتنا نحلم بدخولها إلى بيتنا، فأنا منذ أكثر من شهرين لم أدخل البندورة إلى بيتي مستغنياً عنها لغلائها.الباعة يستغلون أيضاً حاجة الناس الملحة، وكلُّ شخص يفرض سعرا على مزاجه وعلى القدر الذي يحدده بنفسه.أم جمال 42 سنة “ربة منزل”: لا عتب على التجار الذين يرفعون سعر الخضروات والفواكه، لمَ لا وكل شيء يربطونه بارتفاع الدولار، وإذا انخفض تصبح بضاعتهم قد أخذت قترة ارتفاعه علماً أنَّها لديهم قبل ذلك، أردت أن أشتري لابني ذي العشر سنوات بنطالا فطلب البائع “2000” ليرة وكأنَّه يقول “200” ليرة، سعر جنوني وكأنِّي أشتري من أفخم الماركات، فلمَ لا يرتفع سعر الخضروات معه لتكتمل حياة الرفاهية التي نعيشها والتي لا ينقصنا فيها شيء، ولا يضرنا ارتفاع الأسعار سواء شملت الطعام والشراب أو اللباس، لا يسعنا أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل.