حلا إسليم |
“تكلم حتى أراك” جملة قالها أحد الفلاسفة مُنذ القِدم، لكنني أقول: “تكلم حتى أراك على حقيقتكَ” فكلامك يكشف من أنت ومن تكون.
ثمة كلام يجعلنا نشغف بمن لا نعرف، ومثالي على ذلك بعض الكُتّاب الذين تقرأ لهم، ستحبهم رغماً عنك بمجردِ أن الأسلوب جميل.
كما أنك تبغض بعضهم، والسبب هو الأسلوب أيضًا، فأنت فكرة، والفكرة أسلوب، والأسلوب طريقة ونمط وفن نحتاج تعلمه بقدر ما نحتاج إلى الطعام والماء.
وذاتك ليست بحاجة فقط إلى حياةٍ مستمرة بقدر ماهي بحاجة إلى سعادةٍ، وتقول الدراسات: لو أنك تعلمت فن التعامل مع الآخر مُنحت 99% من السعادة الشخصية.
قرأتُ في أحد الكتب “أنهُ كان هناك رجلان أحدهم يبع العسل، والآخر يبيع الخل
وكانت الناس تقبلُ على شراء الخل أكثر، فسأل صاحبُ العسل جاره: لماذا الجميع يشتري منك وأنا أبيع العسل، وأنت تبيع الخل؟! فأجابهُ: أنا أبيع الخل بلسانٍ من عسل، وأنت تبيع العسل بلسانٍ من خل.”
الحسن والحُسين رضي الله عنهما شاهدوا رجلاً مسنًا يتوضأ بشكلٍ خاطئ ففكروا كيف ينصحونهُ فقالوا: “نُريدك أن تحكم بيننا من يُحسن الوضوء أكثر، وبدأا بالوضوء أمامهُ، فضحك، وقال: والله أنا الذي لا أحسن الوضوء.
ما أجملها من نصيحة قاما بها! ما قاما به رضي الله عنهما أسلوب بالنصيحة تعلماه من مدرسة جدهما صلى الله عليه وسلم، فكم نحن بحاجةٍ إلى ذلك الأسلوبٍ اللبق واللين؟!
الأسلوب الجميل هو أقصر طريق لتصل إلى عقول الناس وتناقش أفكارهم، قال تعالى: “وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا” الإسراء (53) فربّ كلمة من إن إنسان تُدمرت حياة إنسان.
نحن نمتلك العلم، لكن أسلوبنا الفظ يبعدهُ عن طلبهِ.
وذكر الله عز وجل في كتابه الكريم، وهو يخاطب الرسول صل الله عليهِ وسلم: “وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ” آل عمران (159)
أفلا نقتدي برسولنا الكريم كي نكون رُسلاً لعلمٍ أكرمنا الله بهِ؟!
نجد أناسًا في أسلوبهم التصحر، وانجراف المشاعر، والتكبر والاستعلاء على من ينصحون، يحسبون أنفسهُم ينقدون نقداً بنَّاء وما هو إلا فأس يهدم.
وكثيراً ما نرفض فكرةً لأن النبرة التي طُرحت بها تثيرُ النفور، ونجد أيضًا من يستخدم حُسن أسلوبهِ ليضلكَ في الطريق.
كم من موهبة ماتت! وكم من مراهق ترك المدرسة! وكم من مصلٍّ ترك المسجد! وكم من مسلمة خلعت الحجاب!
الفرق بيننا وبين الغرب أنهم يبحثون عن موهبة لمن لا يمتلك، ونحن نُهشم من يملك موهبة، والسبب بكل بساطة الأسلوب.