غسان الجمعة |
يتوارد في الأوساط الإعلامية السورية خبرٌ عن احتمالية مشاركة قوات من الجيش الوطني السوري في خطة الدعم التي تستعد تركيا لتنفيذها لدعم الحكومة الشرعية في ليبيا تطبيقاً لاتفاقيات ثنائية وقعها الجانبان الليبي والتركي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة و ترسيم الحدود بين الجانبين.
الصراع الليبي بدأ يأخذ منحًى جديداً بعد أن طلبت حكومة السراج الخميس بشكل رسمي دعماً برياً وبحرياً وجوياً من أنقرة وسط أنباء تناقلتها وكالات عن وصول 200 مقاتل سوري إلى العاصمة طرابلس لتقديم خدمات لوجستية تمهيدية وسط تحذيرات من لاعبين آخرين من مغبة تحول الصراع الليبي إلى حروب بالوكالة بين دول تتعلق بالشرعية وأخرى تدَّعي محاربة الإرهاب.
الجيش الوطني السوري نفى إرسال أي من قواته إلى ليبيا، وأكد أن أولويته هي الدفاع عن السوريين وسط استنكار واسع من الحاضنة الشعبية للثورة السورية وخصوصاً في هذا الوقت الذي تتعرض فيه إدلب لهجوم من قبل ميليشيات الأسد وروسيا وتشريد الآلاف من المدنيين في ظروف إنسانية قاسية.
إن تداعيات مشاركة الجيش الوطني في الصراع الليبي سواء أكانت بشكل رسمي أم شبه رسمي (فردي) له آثار مدمرة على الملف السوري ببعده المحلي والدولي وفي مقدمتها فقدان الحاضنة الشعبية للمعارضة السورية في أوساط السوريين، وتراجع زخمها لحساب ميليشيا قسد والنظام السوري، كما أنه سيحول هذا الجيش من مؤسسة وطنية قدمت الآلاف من الشهداء في سبيل نصرة قضية الشعب السوري إلى شركة مأجورة عابرة للحدود على غرار بلاك ووتر الأمريكية و فاغنر الروسية.
ومن جهة أخرى سيؤدي استنزاف العنصر البشري في معارك ليس لنا فيها لا ناقة ولا جمل إلى تشجيع النظام السوري وحلفائه على قضم المزيد من الأراضي المحررة، بل ليس مستبعداً أن تساوم روسيا الأتراك بالملف الليبي لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها في شرق الفرات وإدلب، في وقت يعلن فيه النظام السوري موت العملية السياسية ورغبته في إتمام السيطرة على ما تبقى من الأراضي التي خارج سيطرته بالعمل العسكري.
إضافة إلى ذلك سيتراجع الدعم العربي على ضعفه الحالي للثورة السورية، وهو ما يصب في مصالح الأسد مباشرة، بل إن دولاً مثل الإمارات والسعودية ومصر التي تقيم علاقات سرية أو خجولة مع النظام السوري لن تجد حرجاً من إعلانها رسمياً إعادة علاقاتها مع الأسد في حال ظهور مقاتلين للمعارضة السورية في خدمة المصالح التركية خارج الحدود السورية.
ربما من السهل أن تحمل قضية على كاهلك وأن تدافع عنها، لكن البطولة تكمن في أن تثبت على ثوابتها وتزود عن حماها بالمغريات المحيطة، وضروب الشرف في تاريخنا ليست بقليلة، والعار كل العار هو أن تترك سترك مكشوفاً أو مستباحاً وتذهب لتغطي عورة غيرك، فأرضنا وأعراضنا أولى بالحماية وإن كانت هذه المعادلة عصية على فهم البعض. يكفي أن نفكر بالحروب التي تقوم بها الدول لحماية مصالحها قبل مصالح أي دولة ثانية حتى لو كانت هذه الدولة صديقة أو شقيقة.