ما بين الدفاع والهجوم يقوم الثوار بخوض أعنف المعارك مع قوات النظام وميليشياته المساندة له على جبهات حلب، في محاولة من الأخير التقدم وكسب نقاط إضافية لصالحه، فتارة تنخفض وتيرة الاشتباكات على تلك الجبهات، وتارة أخرى تكون على أشدها.هذا وقد كثَّف الثوار من أعمالهم خاصة بعد تأسيس غرفة عمليات “فتح حلب” والتي بدورها تحاول قدر الإمكان التقدم وتحرير مدينة حلب بشكل كامل، وفي الفترة الأخيرة تمكَّن الثوار من إشعال أكثر من جبهة في مدينة حلب وإحراز تقدم فيها، ورافق ذلك اشتباكات وصفت بالأعنف ما بين الطرفين، في المقابل زاد النظام من غاراته الجوية وقصفه على الجبهات ومناطق المدنيين بالبراميل والصواريخ محدثاً دماراً هائلاً وعددا كبيرا من الضحايا.من أبرز الجبهات التي تقدم الثوار فيها جبهة جمعية الزهراء، حيث قام الثوار بتفجير مبنى “دار الأيتام” والذي كانت تتمركز فيه قوات النظام، إضافة إلى العمليات التي حصلت على جبهة حلب القديمة وإحراز تقدم عسكري في تلك المنطقة والذي قسم ظهر النظام، إضافة إلى السيطرة على مباني البحوث العملية غرب مدينة حلب وهي بمثابة البوابة لدخول أحياء حلب الغربية، والنظام يحاول بشكل دائم استعادة هذه القلعة التي لم يكن يتوقع أن يسيطر عليها عناصر الثوار مؤخراً.وإن أردنا أن ننظر إلى جبهات مدينة حلب حالياً فإنها تشهد بشكل مستمر اشتباكات يومية لا تقارن بالأيام الأولى التي خاض الثوار فيها معارك منذ بداية تشكيل غرفة العميات، وذلك بسبب التركيز على جبهات ريف حلب الشمالي، والتي تعتبر الوجهة العسكرية الأهم للثوار حالياُ من ناحية الحفاظ على نقاط استراتيجية لهم وخطوطهم الدفاعية في أطراف مدينة مارع والقرى المحيطة فيها.ولو حاولنا تسليط الضوء أكثر على الجانب العسكري وفصلنا المعارك التي لم تتوقف، نجد أنَّ بعض المعارك خفَّت وتيرتها في جبهات كانت مشتعلة في الفترة الماضية كحي جمعية الزهراء غرب مدينة حلب، ونجد جهات أخرى فُتحت لم يتوقع النظام أن يقوم الثوار من الجبهة الشامية بإشعالها والسيطرة على نقاط استراتيجية فيها، كان أبرزها حي الصاخور، حيث تمكنوا من فرض السيطرة على الدوار ومبنى الإطفائية الذي كان يتمركز فيه قوات النظام.بالمقابل النظام لعب بنفس المبدأ لكي يثبت على أنَّه ليس في حالة دفاع، وأنَّه بإمكانه الهجوم والتقدم على الأرض ليقوم باختراق جبهات كانت باردة وهادئة للثوار والتي كان آخرها السيطرة على نقاط وأبينه في حي سيف الدولة جنوب حلب، وفيها تمكن الثوار من الفوج الأول والجبهة الشامية ومجموعة من عناصر تجمع فاستقم كما أمرت وقوات النخبة الأكثر قوة وفاعلية على الأرض في المناطق الغربية لحلب بصد هذه المحاولة واستعادة النقاط وقتل عدد من عناصر النظام الذين حاولوا القيام بعملية التسلل.جبهات أخرى تشهد اشتباكات يومية في أحياء تعتبر مخيفة وحساسة للنظام كحي الخالدية، خاصة بعد وصول الثوار إلى تخوم الحي، رافقه تقدم من قبل الثوار في حي الراشدين ووصولهم إلى مشارف حي حلب الجديدة، يتخلل كل ذلك معارك يومية تجري على أحياء مختلفة في حلب القديمة وعدة جبهات أخرى.بيد أنَّ جبهات المدينة لا تقل خطورة وأهمية عن جبهات الريف الشمالي، والتي كان الثوار فيها هم من يبدؤون العمل العسكري مع النظام والعناصر الإيرانية وعناصر حزب الله التي تقاتل في صفوفه، كان آخرها في منطقة باشكوى، والتي حاول النظام حشد عناصر في الفترة الأخيرة ليعاود تجديد عمله من خلال خطته المرسومة، والتي تهدف إلى حصار حلب، وكانت تحت مسمى ” دبيب النمل ” ليكسر الثوار جميع خططه ويبدؤون مباغته باقتحام قرية باشكوى، ذلك أنَّها منطقة استراتيجية من ناحية قربها من مزارع الملاح المتواجد فيها عناصر من حزب الله، والتي تعتبر طريق إمداد لقوات النظام في حندرات وصولاً حتى سجن حلب المركزي، محرزين تقدماً على تلك الجبهة وتمكنهم من قتل أكثر من 40 عنصراً من قوات النظام وحزب الله وأسر آخرين وتدمير آليات للنظام، إلا أنَّ التغطية الجوية هي التي تكون المساندة بالدرجة الأولى للنظام، إضافة إلى الصواريخ التي يمطرها على نقطة تواجد الثوار لتمنعهم من الثبات في تلك الجبهات، ومن المؤكد أنَّ النظام مستعد أن يخسر عناصر وأسلحة له ولا يخسر نقاطه أو يسمح للثوار التقدم فيها.هذا ويحاول النظام فتح جبهات عدة بشكل يومي في الريف كمنطقة البريج شمال شرق حلب والشيخ نجار ومناطق عسكرية أخرى، فالثوار يخوضون معارك يومية وبشكل دائم في مدينة حلب تختلف عن المناطق التي تشهد اشتباكات مع التنظيم، والنظام في كل مرة يستميت ويبذل كل ما لديه بهدف منع تقدم الثوار وصد هجومهم، ولو تطلب الأمر منه قتل البشر والحجر، فهو دائماً يتبجح بانتصاراته وتقدمه وإفشال محاولات من يصفهم بالمجموعات الإرهابية المسلحة، والثوار بالمقابل يضعون في حسبانهم كل الاحتمالات متحدين النظام وكل ما يروج له من قوة وسلاح يمتلكه، مصرين على التقدم، واضعين نصب أعينهم هدفا واحدا وهو تحرير حلب وكسر شوكة النظام. تقرير وتصوير: عمر عرب