بقلم عدي الحلبي
هدوء عسكري ونشاط سياسي لم تشهده المفاوضات منذ سنوات لاسيما بعد إعلان روسيا انسحابها من سوريا مؤخراً.
حيث طرحت المفاوضات عدة حلول بغية حلِّ الأزمة السورية، والتي كان أهمها التقسيم الفدرالي للأرض السورية بين الأطراف المتنازعة.
فقرارات جنيف الأولية تعود بذاكرتنا إلى عام 1920م حين اجتمع الحلفاء في مدينة سان ريمو الإيطالية لعقد معاهدة يقسِّمون بها منطقة سورية الكبرى ويوزعونها بحسب المصالح الاستعمارية فيما بينهم لاسيما البريطانية منها والفرنسية، حيث يعد مؤتمر سان ريمو امتداداً لمؤتمرات عديدة منها مؤتمر لندن المنعقد في فبراير 1920م.
وقد أسفر مؤتمر سان ريمو حينئذٍ على تقسيم سوريا الكبرى الى أربع مناطق هي (سورية، الأردن، فلسطين، لبنان) بالإضافة إلى الهدف الآخر لهذا المؤتمر وهو محاولة الحلفاء الاتفاق مع تركيا لإرغامها على المصادقة على معاهدة سيفر….
لم يكن مؤتمر جنيف مختلفاً تماماً عن مؤتمر سان ريمو، فهو يعد امتدادا لمؤتمرات عديدة (جنيف الأول والثاني) بالإضافة إلى أنَّ القرارات الأولية توحي بأهداف مماثلة لمؤتمر سان ريمو وعلى رأسها التقسيم الفدرالي؛ فالفدرالية ماهي إلا ثوب جديد سيتذرع به المتقاسمون الجدد تحت غطاء حلِّ الأزمة سياسياً.
فما جنيف الثالث إلا سان ريمو آخر سيقسم سورية الصغرى أيضاً، وسيحاول إرغام تركيا على المصادقة على مقرراته كإقامة دولة كردية قرب الحدود التركية.
والتاريخ يشهد بأنَّ الغربيين لم يكونوا يوما مهتمين بالشرق الأوسط، بل اقتصر اهتمامهم على الثروات الباطنة والظاهرة، وسعوا إلى تأمين مصالحهم المستقبلية بالسيطرة على أراضٍ أوسع.
فهل سيكون التقسيم نتيجة عناء خمس سنوات من الصراع؟ أم أنَّ الوعي الوطني بخطورة التقسيم -لما له من تأثير على قوة الوطن-سيقف عائقاً أمام المخططات التي تحاك تحت الطاولة؟