بقلم : رئيس التحريرإنَّ للجانب العقائدي أو ما يسمى في العلم العسكري ( العقيدة القتالية ) دورًا كبيرًا في تعبئة الجنود وشحذ هممهم وبثِّ الحماس في نفوسهم والقوة في قلوبهم، فهو المحرك الأساسي الذي يضع الأهداف والخطط، ويجعل المقاتل يقدم ماله وروحه، ويجعله يود لو أنَّ له نفسًا أخرى يبذلها أو دماء إلى دمائه يهرقها في سبيل عقيدته.وهذا يعني أن غياب الجانب العقائدي يسبب هدوء المحرك وهجوم الصدأ والران إلى قلبه، ثم توقفه وتوقف الجوارح عن العمل في منتصف الطريق، والمقاتل الذي لا يحمل فكرًا يسعى إلى انتشاره أو عقيدة يدافع عنها سيجد نفسه بعد مدة من الزمن دمية ساكنة لا تميز كوعها من بوعها، ولا تبصر طريقها، ولا تعرف خطأها من صوابها، وسيتحول إلى إمعة من الإمعات تتبع سنن الفاشلين الذين سبقوها.ولا شك أن الحرب التي لا تحركها الأفكار والمبادئ والعقائد هي حرب حارات يكون الولاء فيها لباب الحارة وشوارب زعاماتها وطرابيش شيوخها وشراويل عناترها، وتسود فيها الدونكشوتيات التي لا تصنع مجدًا ولا تطعم خبزًا.لقد أدرك الساسة الغربيون والمستغربون- ونحن نائمون- أن أقدام المقاتلين تثبتها المصالح والعقائد بالدرجة الأولى، فعزّزوا في فكر جنودهم وشيعهم فكرة الحرب التي تعلي الصليب أو تمهد إلى خروج الإمام من السرداب أو ترفع شعب الله المختار الذي فُضِّلَ على الشعوب الأخرى، في حين أنَّا ما زلنا نتغنى بالوطن المذبوح ونستعيذ من الحرب التي تقوم على أساس الدين، وننشد في اللقاءات الجماهيرية والحفلات الثورية ( فلا دينٌ يفرّقنا )، فهدمنا جدار العقيدة ثم وجدنا أنفسنا فجأة في العراء!بقينا نرفض الحرب الدينية ونخجل منها ونواري وجوهنا بين الناس إذا ما ذكرت حتى حفرنا حفرة عميقة ووأدناها فيها وأسسنا جيوشًا جديدة ( نيو لوك ) لا تستطيع أن تحارب نملة أو تحرر شبرًا من الأراضي المحتلة، تقاتل من أجل تراب الوطن ووحل الوطن، ومن أجل الدفاع عن أطرافه الاصطناعية وحدوده المحدودة.ثم نرى أعداء الأمة يجيشون الحرب التي صبغوها بألوان الدين بدءًا من إيران الشيعية التي كُشفت سوأتها أمام جميع الناس إلى أمريكة الصليبية المتهودة، فالأولى تريد أن تنشر مشروع التشيع والثانية تتابع مشروع الحرب الصليبية التي قص شريطها في العصر الحديث بوش قبل غزوه العراق، فقد صرح صاحب الطريقة البوشية بلا تعمية أو تورية أنه يقود حربًا صليبية جديدة.وها هي السيناتورة ميشيل باكمان تعلن حرب دين على دين في مؤتمر قمة الناخبين الذي عقد في أمريكة 26 أيلول سبتمبر 2014م، فتصرح أنَّ هناك أخوة وأخوات نصرانيين يقتلون في سورية، وفيهم مبشرون يدعون إلى النصرانية غير آمنين، ولا بد من مساعدتهم. ثم تشن حربًا على الذين يؤمنون بأيدلوجية متطرفة تؤمن أنَّ الموت في سبيل الإسلام يدخلها الجنة على حد قولها . ثمّ توجه كلامها إلى أوباما قائلة: ” هذه حرب روحية، وما نحتاج إلى عمله هو أن نهزم الجهاد الإسلامي. إنه الإسلام، يجب أن تعلن الحرب عليه أيها الرئيس لا أن ترقص حوله ” ا هـفأعداء الأمة لا يغفلون ولا يهدؤون، يكيدون لنا المكائد، ولا يزالون يقاتلوننا على أكثر من صعيد، ولن يستريحوا إلا بنزعهم الإيمان الذي تشرَّب في قلوب المؤمنين، فهل تتعلم الأمة المنتفضة على ظالميها أن السنان يواجه بالسنان والعقيدة بالعقيدة، أو ستفعل كما فعل مشايخ السلطان عندما وقفوا يتفرجون على الحملة الصليبية البوشية مشدوهين فاغرين أفواههم، فرفعوا أيديهم داعين على بوش ومشتقاته، داعين لأولياء أمورهم الذين رقصوا مع بوش وشربوا مع بوش وناموا مع بوش؟!