تثقب أذاننا عبارات حرية الرأي والتعبير، والرأي والرأي الآخر، الكلمة الحرة، والصوت الحر، كتاب الحرية، وصنمها الذي ينتصب في نيويورك معبود الأحرار كما يقولون .وكلّما فتشنا في تلك الكلمات نجد أنها صيغت بطريقة ترسخ القهر والعبودية ، فأنت مجبرً على أن تتمتع بكل هذه الحريّات، وإلا فأنت تعادي السلام العالمي ، والسلم الأهلي ، والسامية والحامية وكل الأديان الأرضية والسماوية ـ عليك أن تكون حراً بلا ضوابط حتى تسمى راقياً ، عليك أن تتمتع بالقدرة على الشتم والسب والإهانة دون أن تخشى أحداً ـ إلا في بعض المحاذير التي وضعها أصحاب الحرية نفسها، والتي يعرفها الجميع .لازالت كذبة الحرية صالحة للتداول في عالم يرى الآلاف يقتلون في سبيلها وهو يتفرج عليهم بحجة الخوف من الإرهاب، ولا زالت تمتلك الصلاحية في عالم يقوده فيتو لعين ليذهب بعدها من يقع عليه للجحيم ، ولازلت تصلح عندما يثور العالم للدفاع عن صحيفة مغمورة مسيئة، في حين أنه يرى ضرورة الحوار مع من يقتل شعباً أعزل منذ أربع سنوات بلا أي توقف .لا أريد أن أطيل في تعداد صور الحرية المباعة في سوق النخاسة منذ زمن بعيد في هذا العالم ، ما أودّ أن أشير إليه هو أن الحرية التي يدعونها أمرً نسبي قد لا يتوافق عليه اثنان في هذا العالم ، لذلك تسن القوانين ليلاً نهاراً ، لتنظم حريتهم كما يدعون . أما نحن فلدينا حريتنا التي نؤمن بها، والتي نعرف حدودها جيداً ، ونعرف أيضاً واجبات العالم تجاهها.لكنه اليوم منطق القوة وقوانينها التي تحكمنا ، دون أي وجود لهذه الحرية .. التي خرج زعماء العالم في باريس لكي يلقوا بأنفسهم على جسدها ويتمتعوا بعريّ جاريتهم الحسناء . المدير العام / أحمد وديع العبسي