كل الثورات يصاحبها أخطاء وبطبيعة الحال كل الأخطاء لها حلول إلا إذا زادها المخطئون خطأ إضافيًا، وارتكبوا أشياء تساهم على الدوام في تشويه مسيرة الثورة خاصة إذا كانت في حالة ترهل لغياب النخب السياسية المؤثرة والوطنية وغياب أو تقاعس المثقفين عن دورهم الذي من المفترض أن يكون دورًا رياديًّا ومسؤولاً في ثورة شعب يتوق للحرية واختيار حكامه بنفسه.
ومن يشاهد وضع الفصائل العسكرية على مختلف انتماءاتها العقائدية أو الأيديولوجية، يقف مندهشًا فلا يرى إرادة الثورة الحقيقية ولا يرى المشروع السوري الحر الذي لمسناه عند بداية الثورة 2011 حتى الناس أصحاب الثورة الحقيقيين يشعرون بالصدمة من ممارسات وأعمال خاطئة تقوم بها الحركات المسلحة المعارضة لنظام دمشق التي لا تفسره إلا تقليد بشكل أو بآخر، والسؤال: ما الفائدة من تقليد الجلاد؟ فصائل تنشر حواجزها بشكل مجنون وعبثي في بعض الأحيان، وأخرى تعبث هنا وهناك، وأخرى تريد تكبيل سلوك الناس …إلخ
كل هذا يذكرني بالبعثيين الأوائل أيام حافظ الأسد الذين كانوا يريدون تقييد وحصر المجتمع السوري بحالة من الخوف والذعر وربط البلاد بشخصية واحدة وحزب أوحد،
واليوم نرى بعض الفصائل تحاول التقليد وبالتالي لا يوجد لديهم فكر واضح رغم أخطائهم المتكررة التي تبعد عنهم الناس، ولم نسمع أحدًا منهم ينادي بمشروع سوري واحد متجدد ولا حتى نظرة لتغيير واقع السوريين، وعلى العكس يتأملون الحل في هذه العاصمة أو تلك.
أما المعارضة السياسية فتعد منفصلة عن الواقع تمامًا، فلا نجدها إلا تائهة بين إسطنبول ومطار الرياض، وبين هذه وتلك ضاعت الإرادة السياسية وضاع الفكر السياسي السوري، فلا نجد اليوم شخصية سياسية واحدة نستطيع البناء عليها، ولا نسمع إلا تصريحات، فالإسلامي يريد حلاً يرضي توجهه وكذلك العلماني فتختلف الدول الداعمة وتتعدد جهات الوصاية بشكل أو بآخر ما ينعكس سلبًا على الوضع السوري في ظل غياب المشروع الواحد، وبين هذا وذاك فقدنا زخم ثورتنا وفقدوا ثقة الناس بهم.
وفي النهاية مكانكم هو سورية الكبيرة من درعا إلى دير الزور هذه هي البوصلة التي عليكم ألا تضيعوها هذا هو شعبكم، ومن هذه الأرض أنتم خرجتم.
لا تكونوا كفارس بلا جواد، ولا تصغروا بثورتكم لدرجة الارتزاق، راكمتم الأخطاء لكن بمقدوركم ان تصححوا وتعودوا إلى الطريق الصحيح، لا عواصم ستعطيكم ما تريدون، فكل الدول تبحث عن مصالحها أولاً، ولا جدوى من تقليد الطاغية، فأكبر انتصار للجلاد أن يقلده معارضوه ببشاعة أفعاله، توقفوا عن الأخطاء فالثورة لم تعد تحتمل خطأ وراء خطأ.