خطر جديد يلاحق المدنيين في مناطق الثوار رغم توقف القصف بشتى أنواعه بعد إبرام مفاوضات واجتماعات من أجل إحداث مناطق آمنة في الشمال السوري، ففي تلك المناطق باتت العبوات الناسفة والسيارات المفخخة تتصدر المرتبة الأولى في قتل أكبر عدد من الأطفال والنساء والشيوخ، إذ تشهد المناطق المحررة حركة واسعة النشاط لمجموعات اعتادت على استهداف المدنيين، وزرع الرعب بينهم.
في مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي حيث النشاط البشري والاكتظاظ السكاني، جعلت تلك المجموعات الخفية منها هدفا أساسيا لعبواتها ومفخخاتها بغية إحداث رعب بين المدنيين، وإظهار المناطق المحررة عديمة الأمن مقارنة مع مناطق سيطرة قوات النظام، حيث تمَّ استهداف المدينة بعشرات العبوات الناسفة، مركزة على الأسواق والمشافي والمحاكم الشرعية، إضافة إلى بعض قادات الفصائل العاملة في مناطق الثوار، وفي كلِّ مرة تعجز القوى الأمنية الحرة عن تحديد المنفذ أو تحديد سبب الاستهداف، وعدم القدرة على إيقافها في ظلِّ صعوبة تحديد زمن ومكان التفجير المتوقع.
سلسلة جديدة من التفجيرات خلال الساعات الأخيرة من شهر رمضان هزت أرجاء مدينة الدانا، ليصل عدد التفجيرات إلى ثلاثة في يوم واحد، أحدها استهدف مطعما شعبيا يعج بزبائنه في منطقة سوق الخضار التي كانت تجمع آلاف الناس من كافة قرى وبلدات المناطق المحررة، ارتقى على إثره 9 شهداء وعشرات الجرحى منهم من تمَّ إسعافهم إلى المشافي الداخلية، ومنهم من أسعفوا إلى الجانب التركي ومعظمهم قضى نحبه فور وصوله إلى المشفى، ليبقى عدد الشهداء في ازدياد حتى بضعة أيام بعد التفجير.
أمَّا التفجير الثاني فقد كان قرب مركز للشرطة في ساحة السوق. التقت صحيفة حبر بقيادة مركز الشرطة الذي حدث بجانبه التفجير، لمعرفة سببه، وما إن كان هناك مشتبه بهم، يقول أحد القادة الذي رفض ذكر اسمه: “إنَّ التفجير الذي حدث جانب مقرنا لم يكن يقصدنا، بل كانت غايته بعض القادة الذين كانوا مجتمعين في سيارة متوقفة أمام مركز الشرطة، ارتقى جراء التفجير 3 شهداء و9 جرحى، ولم نستطع معرفة سبب هذا التفجير، لكن من المرجح أنَّه غاية شخصية بين قادات الفصائل، ولا يمكننا توجيه أصابع الاتهام لأحد بسبب التفلت الأمني في مناطقنا المحررة، وذلك لا يعزى إلى التهاون الأمني من قبلنا بل إلى كل شخص فيها؛ لأنَّ كلا منَّا يمكنه اعتبار نفسه مسؤولا عن أمن مدينته ومنطقته.
أمَّا التفجير الثالث والأخير في ذلك اليوم، فقد استهدف أيضا ساحة السوق (البازار) التي كانت تضم المدنيين من شتى مدن وقرى الجوار، الذين يبتاعون حاجياتهم تجهيزا لعيد الفطر، ارتقى خلاله عدة شهداء إضافة إلى عشرات الجرحى.”
وذكر مصدر أمني عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنَّه من الأرجح سبب التفجيرات في مدينة الدانا خاصة هو عودة عنصرين من مبايعي تنظيم الدولة إلى مدينة الدانا، وأشار أيضا أنَّه من الممكن لهذين العنصرين تشكيل مجموعات تابعة للتنظيم ينظمون أعمال التفجير لقتل الأبرياء وزعزعة الأمن في مناطق الثوار، ولا تقتصر التفجيرات على مدينة واحدة فقط، فجميع المدن والقرى المحررة مؤهلة لتكون هدفا لمجموعات لا يُعرف من وراءها ولا هدفها من مسلسل التفجير الذي لا يُحمد عقباه.
لم تكتمل فرحة الأناس في المناطق المحررة بعيد فطر لا يعكر صفو جوه طائرة حربية ترمي بالحمم على المدنيين، فعمد هؤلاء الأشخاص إلى زرع الخوف والرهبة بين الناس لتستمر معاناة شعب خرج مناديا بحريته وكسر قيوده المفروضة عليه منذ عشرات السنين.