جاد الحق
ليس القتل والتدمير حكراً على سورية الإنسان والبنية التحتية، بل هو موجه أيضاً للجذور والهوية.
كون أنَّ سورية هي حاضرة بني أمية، وخط المواجهة الأول مع كلِّ أعداء الأمة، وقلبُ الأمة الذي يضخ الدم لباقي أجزاء جسمها، فهذا ما جعلها تعاني الاستئصال والتشويه الهمجي من النظام الطائفي وشركائه.
جلبة الحرب وضجيجها تشوه عقولنا عن ضخامة مخطط الاستئصال الذي تتعرض له سورية؛ فليس الغاية فقط قتل الشعب وتهجيره، بل الغاية أيضاً تدمير تراث هذا الشعب، وطمس آثاره، لتنتقل ملكية الأرض من خانة أصحابها الحقيقيين إلى خانة من اغتصبوها.
الاستهداف الممنهج للآثار، والتهجير المتعمد، سنرى أثره بعد عشرات السنين حين تصبح سورية دولة رافضية صفوية، كما أصبحت إيران أيام الشاه إسماعيل الصفوي، حيث شيَّع أهلها بالحديد والنار، وردَّهم بالإكراه عن مذهبهم ومذهب آبائهم أهل السنة والجماعة.
لتقريب الفكرة نضرب مثلا وهو فلسطين، فلم يكن الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين فقط استبدالاً لأهلها بغاصبين، بل كان استهدافاً ممنهجاً لآثارها وتراثها ومعالمها الإسلامية بما سمي التهويد.
جميعنا سمع عن تهويد القدس، وعن الحفريات تحت المسجد الأقصى بغاية إيجاد هيكل سليمان، بل حتى عن الآثار اليهودية التي زيفها الكيان الصهيوني ليدعم حجته بأحقية اليهود بفلسطين.
اليوم الاحتلال الصفوي لسورية يلعب نفس اللعبة، تهجير وقتل لسكانها الثائرين، ثم عملية تشييع طويلة الأمد لمن بقي منهم، تدمير مساجد أهل السنة خاصة الأثرية التي تعود لحقبة بني أمية والمماليك والعثمانيين كما فعلوا بحلب، ثم إقامة حسينيات وأضرحة كاذبة ترتبط بعقائدهم الخبيثة، ثم نشر لغتهم وثقافتهم، لنتفاجأ بعد عشرين سنة بتحول سورية لدولة صفوية رافضية كذنب لإيران تدور بفلكها.
لذلك نوجه نداء استغاثة، وصيحة تحذير، للشعب السوري البطل، الذي قدم الغالي والنفيس ليعيش حراً أبياً كما ولد وكما يستحق، والنداء هو أن يتنبه لخطورة موضوع تدمير الآثار الممنهج وسرقتها، وتهريبها، فالحفاظ على آثارنا هو حفاظ على وجودنا وهويتنا.