عبد الملك قرة محمد
أجرت صحيفة حبر حوارًا مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة (عبد الرحمن مصطفى) حول الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي في المناطق المحررة، حيث طرحت الصحيفة أهم الأسئلة التي رغب المدنيون بتوجيهها له، فكان الحوار الآتي:
بداية نرحب بكم أستاذ عبد الرحمن في صحيفة حبر، دعنا نتحدث عن أهم المشاريع أو الجهود التي بُذلت مؤخرًا لتحسين الوضع الاقتصادي في المحرر مع انهيار الليرة السورية؟
“في البداية أودُّ أن أرحب بكم وأشكركم على هذا الحوار الذي يتضمن مجموعة أسئلة تتوارد على أذهان السادة المواطنين أو مجموعة الناشطين الذين نرسل إليهم تحياتنا في الحكومة المؤقتة، إذ إننا نعدُّ وجود علاقة مفتوحة مع المواطنين ووسائل الإعلام الوطنية السورية أمرًا على درجة كبيرة من الأهمية والأولوية بالنسبة إلينا.
بما يخص الناحية الاقتصادية كنا نسعى دائمًا في الحكومة المؤقتة لدفع العجلة الاقتصادية في الظروف الكارثية نحو الأمام، رغم ضعف القدرات المادية وغياب التمويل وعدم نضوج الظروف السياسية في الداخل والخارج لتفعيل مؤسسات الحكومة السورية المؤقتة وتمكينها من إدارة الملفات.
واتخذنا خطوات عديدة من خلال مشاريع منها، تدشين مطحنة (بزاعة) بطاقة إنتاجية 45 طن يوميًا، وهي الثالثة بعد مطحنة (أعزاز، والغندورة) حيث أصبحت الطاقة الإنتاجية لهذه المطاحن تغطي من 40 – 50 % من حاجة المناطق المحررة.
والبدء بالعمل في مخبز (أخترين) وسيتم تشغيل مخبزين في (بزاعة، والغندورة) بطاقة إنتاجية 15 طن يوميًا لكل فرن، وعلى مدار ورديتين خلال الأشهر القادمة.
كما نتابع مشاريع أخرى كمشروع إعادة تأهيل محطات التحويل، وشبكات التوتر العالي، ومشروع تغذية بئر مياه بمقر المديرية بالسلوم بالطاقة الشمسية، ومشروع صيانة شبكات التوتر المتوسط والمنخفض في ريف حلب الشمالي والغربي، ومشروع تأمين التغذية لآبار المياه في ريف حلب الشمالي والغربي بتمويل من المديرية، ومشروع صيانة شبكة كهرباء مدينة (جرابلس) وتقييم شبكات رأس العين.
وهناك مشاريع المؤسسة العامة لإكثار البذار، ومنها مشروع البطاطا، ومشروع إكثار القمح, ومشروع الأسماك في منطقة جنديرس، ومشروع إعادة تأهيل إنتاج قطاع الثروة الحيوانية في ريف حلب الشمالي، ومشروع القمح 2020، ومشروع المحطات الإكثارية….إلخ “
نبقى في الجانب الاقتصادي، أليس من الخطأ ضخ الليرة التركية قبل تثبيت الأسعار ووضع آلية مراقبة شديدة لا سيما مع ما لاحظناه من الفوضى في مكاتب الصرافة؟ ما وجهة نظركم في هذا الأمر؟
“بداية أوضح أن التعامل بالليرة التركية موجود بحكم الحاجة، وما تم اتخاذه من إجراءات تُعدُّ تدبيرًا مؤقتًا تنتهي مفاعيله بعد التوصل إلى حل سياسي شامل.
وأعتقد أن أسعار السلع الأساسية يمكن التحكم بها، وقد تم ذلك من خلال تسعير مادة الخبز والمحروقات مثلاً، لكن باقي السلع تخضع للعرض والطلب، وسيتوازن التسعير الجديد على الليرة التركية مع مرور الوقت، خاصة أن كبار التجار والمستوردين يتعاملون أساسًا بها أو بالدولار الأمريكي، وهناك الكثير من السلع مسعَّرة على الدولار الأمريكي سابقًا.
من جانب آخر هذا التغيير الشامل رغم أننا، كما تذكرون ومن فترة طويلة، نحث المواطنين ونحذر من انهيار الليرة السورية وندعو بالبيانات واللقاءات والتصريحات لاعتماد الليرة التركية.
أما بما يخص تأمين الليرة التركية وبفئات صغيرة، فقد تم ذلك عبر التنسيق مع الجانب التركي، وقد وصلت بالفعل كميات كبيرة وتم ضخها بأساليب متعددة.
بما يخص مكاتب الصرافة في المحرر، فإنها تعمل بقوانين السوق أيضًا دون وجود أي تنظيم أو بنك مشرف، وهذه من الملفات الخاضعة للدراسة على الطاولة الحكومية.”
لو انتقلنا إلى الملف الأبرز وهو ملف التعليم، ما علاقة الحكومة بجامعة حلب؟ ولماذا لا يتم تقديم دعم مالي كافٍ لها؟ وهل سيتم التوحد مع جامعة غازي عنتاب التركية؟
“قمنا بتشكيل مجلس التعليم العالي التابع لوزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، وبالتالي جامعة حلب هي إحدى المرافق العلمية التابعة له كجامعة حكومية.
والجامعة الحكومية هيئات عامة علمية ذات طابع إداري لكل منها شخصية اعتبارية واستقلال إداري ومالي، أي تندرج ضمن ما يسمى اللامركزية الإدارية بصورتها المرفقية.
بشكل عام، ومع كل أسف، تقف دائمًا العوائق المادية أمام تطلعاتنا وخططنا وبرامجنا، ومن الطبيعي هنا أن يتساءل البعض: لماذا لا يتم خلق الموارد، وبالتالي الحصول على إيرادات عامة تقابلها نفقات عامة على مختلف القطاعات؟!
وبالطبع هذا التساؤل، وهذا الموضوع محل اهتمامنا الدائم، فلا يمكن أن تأخذ الحكومة دورها الحقيقي، ولا يمكن أن يتم بناء المؤسسات السورية الجديدة بشكل مهني، وأن تأخذ دورها بتقديم الخدمات للمواطنين، إلا بوجود هذه المعادلة التي نعمل على تحقيقها ضمن خطوات مدروسة ومتلاحقة.
أما موضوع التوأمة مع جامعة غازي عينتاب، فهو محل متابعة دائمة، وتوجد معوقات سياسية وقانونية، ونبذل الجهود الدائمة ونطرح بشكل مستمر هذه القضية في لقاءاتنا، وهو مطلب مستمر قد تأتي النتائج في مرحلة ما.”
في الجانب الأمني، أليس من الأفضل أن تكون الأوضاع الأمنية بيد شرطة مدنية واحدة أو وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة؟
“هذا ما نسعى لتحقيقه وما نتمناه وما ندعو إليه، فالمناطق المحررة بحاجة بناء مؤسسات حكومية تتولى هذه الملفات بشكل موحد وتراتبي وسليم بما ينعكس على ملفي الأمن الداخلي والخارجي.
لكن يجب ملاحظة الخطوات الكبيرة بهذا الصدد من خلال أعمال وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والجيش الوطني.”
هناك استفسار أيضًا، ما سبب عدم وجود وزارة خارجية في الحكومة؟ على أي أساس تم إلغاؤها؟
“حقيقة ضمن سياسة ضغط الملفات وبالتالي النفقات، وكان الخيار لدينا العمل على مفهوم الحكومة المصغرة، ولكن لا يعني ذلك أن هذا الدور غير موجود، لأننا نقوم بدور وعمل الخارجية من خلال رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى وجود العلاقات الخارجية في الائتلاف، وحينما يتطلب الأمر إنشاء وزارة سنفعل ذلك.”
المجالس المحلية في ريف حلب تتبع الولايات التركية، ألا يُعدُّ ذلك عائقًا أمام إدارة الحكومة السورية المؤقتة للمناطق؟ ولماذا لا تتبع المجالس للحكومة بشكل مباشر لاكتساب سلطة أكبر؟
“بالنسبة إلى تنظيم الوحدات الإدارية وفق اللائحة التنفيذية المقرة من الحكومة المؤقتة منذ عام 2014، هي موضع عمل متواصل، ولدينا وزارة إدارة محلية تعمل بشكل مستمر على التنسيق وبناء التراتبية مع المجالس المحلية.
تتيع هذه المجالس للحكومة السورية المؤقتة التي تشرف على انتخاباتها وتصدر النتائج من وزارة الإدارة المحلية.
وبطبيعة الحل إن اللامركزية الإدارية التي تتبعها الحكومة والمجالس المحلية هي تجربة جديدة ورائدة في سورية، ونعمل على تطويرها وصقل مهارات العاملين فيها والحوكمة الرشيدة.”
ما موقفكم من الاتفاق التركي الروسي حول إدلب وما جهودكم السياسية لدعم عودة المدنيين النازحين؟
“كنا قد أصدرنا بياناً واضحاً بعد أقل من ساعة من خروج الاتفاق وقلنا فيه وما زلنا على موقفنا تمامًا نحن نثق بالأشقاء الأتراك ونقدر الضغوط الهائلة التي يواجهونها التي وصلت للمشاركة العسكرية وسقوط شهداء من الجيش التركي برفقة أبطال الجيش الوطني على التراب السوري الطاهر.
لكننا نعرف أيضًا أن الجانب الروسي هو شريك في قتل السوريين وليس طرفًا للحل أو ضامنًا يمكن أن يفي بوعوده وعليه نلتزم بالاتفاق حقنًا لدماء السوريين وحفاظًا على البلدات والمدن من القصف الوحشي، لكننا نستعد عبر الجيش الوطني للسناريو المعتاد في الغدر والدجل والخداع الروسي.”