إنه حقاً محور الشر…
أوردت صحيفة التايمز هذا الأسبوع تقارير عن تحقيقات للأمم المتحدة جمعتها في 200 صفحة، تشمل أدلة خاصة عن تزويد كوريا الشمالية لما يعتقد أنه مكونات أسلحة كيميائية وأجزاء من صواريخ بالستية لنظام بشار الأسد في سورية، وكانت بيونغ يانغ تحاول سابقا تقديم مفاعل نووي للأسد قبل أن تدمره المقاتلات الإسرائيلية بغارة جوية عام 2007.
بيونغ يانغ ليست الداعم الوحيد لنظام الأسد، ففي شهر تشرين الثاني من السنة الماضية استخدمت روسيا، التي تعين نظام الأسد على قصف شعبه، الفيتو العاشر أو الحادي عشر دفاعا عن الحكومة السورية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهكذا عرقلت إصدار قرار بتشكيل لجنة خبراء للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وكانت بيجين استخدمت الفيتو هي الأخرى لمساعدة الأسد ست مرات.
ثم تأتي إيران، التي استثمرت في إعادة تأهيل الأسد منذ بداية الثورة ضده عام 2011، ومن خلال عميلها اللبناني حزب الله أمدت طهران الأسد بأكثر مجموعاتها الميدانية فعالية ودموية.
لكن ما الذي يجمع الشيعة المتعصبين والروس الأرثوذوكس والكوريين الطماعين والصينيين الذين يعتبرون أنفسهم أبناء الجنان، ويوحدهم لحماية ديكتاتور بعثي كريه ومنهار؟!
لا يُطرح السؤال كفاية، فلا يتشارك أي منهم الحدود أو اللغة أو الدين أو العقيدة السياسية مع الأسد، وكلٌّ منهم دفع نصيبه من التدخل.
فقد خسرت إيران 500 فرد من قواتها من بينهم ما لا يقل عن 16 جنرالا ممن كانوا يقاتلون في سورية منذ 2012، كما تعاني من انتكاسة شعبية جراء سياستها المتبعة في سورية، أما روسيا فقد خسرت عشرات من مرتزقتها في المواجهة الأخيرة المذلة مع القوات الأمريكية قرب الفرات، وأيا كان ما يفعله كيم جونغ أون في سورية فبالتأكيد هو لا يجني الثروات.
فإذا ثمة مصالح تتخطى المال والأرواح، بعضها ضيق نسبيا، فإيران تريد إقامة ما تسميه الهلال الشيعي، وروسيا تأمل باستغلال موقعها في سورية لتساوم على امتيازات في أوكرانيا، والصين تأمل بإعادة إعمار سورية عندما تنتهي الحرب، أما كوريا الشمالية فهي مجرد شرير.
كما يوجد أيضا مصالح تجمع الديكتاتوريات المتعاونة:
المصلحة الأولى: رؤية الثورة الشعبية ضد الاستبداد تسقط سقوطا مذهلا
وهذا جوهري، فسورية ليست دولة بمقدار ما هي معرض للديكتاتورية، والهدف الرئيس هو إظهار المقاومة وعمقها، ولهذا لم تتورع روسيا عن قصف المشافي المدنية، ولم يتورع حزب الله عن حصار وتجويع مدن بأكملها بغية إخضاعها، ولم يتورع الأسد عن استخدام السلاح الكيميائي، فكل منهم يري جمهوره المدى الذي يمكن أن يمضي فيه ليحافظ على سلطته.
المصلحة الثانية: إظهار عدم الوثوق بالولايات المتحدة لا كحليف ولا كشرطي للعالم يضبط قوانينه وأعرافه.
أيًّا كانت خلافات إيران وروسيا والصين فكلهم يسمون أنفسهم قوى ثورية، وما يريدونه هو محو الروح الأمريكية، وفي سورية عندهم حليف وسبب ومردود معقول، أما أمريكا فعلى العكس هي شعلة من المتناقضات، والنتيجة هي كوارث إنسانية، وكوارث على السمعة، فالولايات المتحدة أعلنت أنها لن تدعم حلفاءها المحليين أو تُلزم الأطراف بتطبيق الأعراف الدولية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، أو وضع وتنفيذ خطة متوافقة مع سياستها المعلنة.
وأيًّا كانت المصالح الإقليمية الأمريكية أو الالتزامات الأخلاقية في سورية، فلدينا مصلحة وطنية حيوية في إحباط طموحات الشركاء الديكتاتوريين في هذا البلد.
يجب أن نفعل شيئا لإنقاذ سمعتنا عن عدم جدارتنا بالثقة، عن طريق زيادة دعم حلفائنا الأكراد ضد أعدائهم بمن فيهم الأتراك؛ كما فعلنا سنة 1991 في حرب الخليج، كما يجب أن نمحو عار تجاوز الخط الأحمر عن طريق ضرب منشآت الأسد العسكرية في كل مرة يستخدم فيها السلاح الكيميائي، كما يمكننا إيجاد أساليب خفية بحيث نزيد الكلفة العسكرية للتدخل الروسي.
ويجب أن نفعل هذا دون أن نستنزف أنفسنا كما حدث في العراق، بالعمل على تقرير مستقبل سورية.
وهذا يتطلب إدارة قادرة على وضع إستراتيجية عسكرية ودبلوماسية متسقة وتنسيقها وتنفيذها، لكن ليس لدينا مثل هذه الإدارة.
فهذا يتطلب رئيساً يفهم الروح الأمريكية وليس رئيساً يظن السياسة الخارجية سلسلة من المقامرات، قادرا على تسيير الحلفاء الهدف المنشود، ويفهم أن قيمنا التحررية هي أهم ركائز قيادتنا للعالم، لكن ليس لدينا مثل هذا الرئيس.
وقبل كلِّ هذا يتطلب إيماناً بما يسمى العالم الحر (بمبادئه الأخلاقية ومصالحه الخارجية، وتطلعاته بعيدة المدى) لكننا لا نملك أيًّا من هذا.
إن الحرية تنتظر يوم القيامة.
الكاتب: برت ستيفن
صحيفة: نيويورك تايمز
رابط المقال الأصلي: