الحديث عن عشر ذي الحجة يَرتبط بالحديث عن مَغزى هذه الأيام الفاضلة، والتي تُعتبَر مقدمة لعيد الأضحى المبارك، ويُمكننا تلمس هذه الفضيلة ودلالتها من خلال الروابط التربوية التي تُعمِّقها لدخول يوم العيد من خلال الآتي:
عشرُ ذي الحجة تعبِّر عن المنهجية الدينية في التعامل مع الفرح والسرور من خلال التوجه إلى الله سبحانه وتعالى؛ فهو باعث النصر والفرح والسرور ومُهديه، ومَن بيده حفظه؛ ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 – 3].
كما أن هذه الأيام تعبِّر تعبيرًا واضحًا عن طبيعة الحياة التي يجب أن ترتسِم في مخيلة المؤمن وشعوره؛ فالنصر والسرور لا يأتي هدية دون كدٍّ أو تعب، بل هو مِنحة إلهية لمن عمل وسعى لتحقيق السنن التي تدلُّ عليه، كما أن العيد أو السرور به يأتي بعد العبادة التي يحرص الإنسان عليها ويتعب في سبيل الأجر الذي يَنتهي بفرح ينشرح قلب المسلم وكيانه له، وهذا يُعطي دفعة للمؤمن بأن السنن الكونية يجب أن تُراعى في حياته ومسيرته على الأرض.
كما أن هذه الأيام تجعل من حاسة المؤمن متفتِّحة على الجميع، وتراعي الآخرين وتَشعُر بهم في حال الفرح، وكذلك في حال الأتراح، فالحث على الصيام قبيل العيد يجعل الإنسان في حالة تذكُّر دائم في يوم عيده للعديد من الشرائح الفقيرة التي تَحتاج منه أن يرسم في وجوهها نعمة الله التي رزقه الله إياها، دون أن يَصل إلى تلك المرحلة التي يُعاني منها العديد من أقرانه الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
والعديد من العِبَر التي تُعمِّقها هذه الأيام بين يدي العيد والتي يحتاج الإنسان المسلم إلى التذكير بها ليُوافق المراد منها.