تقرير : عمر عربتشرذم كبير وشرخ واسع أصاب قوات النظام المتبجحة بعتادها وقواتها، وخسائر في الأرواح والعتاد رغم القصف المكثف شبه المتواصل في بعض المناطق، أمر جعلها تلجأ إلى قوات وميليشيات أخرى تساندها في حربها ضد الثوار وصمودهم قرابة الأربع سنوات على مختلف جبهات القتال، خسارات متلاحقة قد أصابت هذه القوات وخاصة في الجبهات الجنوبية للبلاد مما استدعى النظام لتركيز قتاله وحشد قواته في المناطق الشمالية.حلب والتي ما تزال عصية على هذا النظام الذي يحاول بكل قدراته وقواته تطويق المدينة والسيطرة عليها وفي كل مرة تبوء كل محاولاته بالفشل ولا يحصل إلا على جثث قتلاه وميليشياته التي استقدمها علها تحقق له مالم يستطع تحقيقه، معركة يعدُّ لها عددٌ كبيرٌ من قواته وعتاده المتنوع، ضمن معركة من أشرس المعارك التي يقودها الثوار في وجه هؤلاء الطغاة، معركة “قوس قزح” حسب تسمية النظام لها أو كما دعاها “ساعة الصفر”.وقد بدأت المعركة صباح يوم الثلاثاء حيث قام عددٌ من عناصر النظام والمليشيات بالتسلل من منطقة سيفات عبر المزارع إلى بلدة رتيان في الريف الشمالي وارتكاب مجزرة مروعة بحق المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال واتخاذ البعض الأخر منهم دروعًا بشرية.وتأتي أهمية بلدة رتيان من كونها الخط العسكري وطريق الإمداد الذي سيصله بنبل والزهراء، كما أراد النظام السيطرة على منطقة الملاح والمزارع والتقدم في حندرات، وذلك لكي يقطع طريق الكاستيلو الذي يعتبر بالنسبة إلى الثوار النواة الرئيسية في طرق إمدادهم إلا أن الثوار قاموا بتدارك الوضع فوراً وصدِّ تقدم النظام، إضافة إلى قتل ما يقارب الأربعين من عناصره وميليشياته وأسر ثمان وأربعين أخرين من جنسيات مختلفة.معركة اشترك فيها كبرى وأهم الفصائل كان من أبرز المشاركين “الجبهة الشامية وفيلق الشام وأحرار الشام الأسلامية وجبهة النصرة” وقد أسفرت المعارك الدائرة بين الطرفين إلى استعادة الثوار كامل منطقة الملاح ومحيطها وتدمير ثلاث دبابات وتراجع قوات النظام إلى منطقة سيفات ووصول المعارك إلى قرية حندرات هذا مع رصد الثوار لطريق إمداد النظام.كما قام الثوار بالسيطرة على بلدة حردتنين وتخليص عدد من الأسرى المحتجزين لدى النظام وقد عثروا أيضا على مجزرة ارتكبت بحقِّ مدنيين هناك أغلبهم من النساء والأطفال كانوا قد قضوا على يد قوات النظام أثناء تسللهم واقتحامهم للبلدة.العمل العسكري لم يقف عند منقطة الملاح وبلدة حردتنين ليقوم الثوار بمفاجأة النظام، ومباغتته في قرية حندرات التي كانت تتمركز فيها عناصره والميلشيات الموالية له ، بعد عملية استشهادية ناجحة داخل القرية من قبل جبهة النصرة التي استهدفت معاقل النظام وسط القرية، وقد سقط أكثر من خمسين قتيلا من الميليشيات الأجنبية الموالية للنظام وتدمير رشاش 23 ومدفع فوزديكا لقوات النظام واغتنام أعداد كبيرة من الأسلحة جراء المعارك التي انتهت بسيطرة الثوار على قرية حندرات إضافة إلى تلال حندرات وتلة المضافة التي ترصد طريق سجن حلب المركزي، لتتركز الاشتباكات الأن في محيط كتيبة حندرات ومحاولة الثوار اقتحام باشكوى وصولاً إلى سجن حلب المركزي لينكسر مخطط النظام في محاولته حصار حلب وينقلب السحر على الساحر . ويستعيض النظام بخساراته تلك على القيام بفتح جبهات أخرى في بقية المناطق في المدينة قاصدًا تشتيت قوة الثوار وإضعافهم كالاشتباكات التي تجري في منطقة كرام الطراب والراشدين وغيرها، لكن مع كل ما يجري فالثوار يعرفون حق المعرفة مدى أهمية مدينة حلب وأهمية الحفاظ على كل النقاط وخطوط الإمداد لهمويرى مراقبون بأن توقيت مثل هذه المعارك الضخمة والقوية التي يقودها النظام في حلب ومستشرساً في محاولة اقتحام المدينة لم يأتِ بمحض الصدفة فقط، بل يسعى جاهدًا لكسب معارك وانتصارات عسكرية على الأرض حيث إن حلب تعتبر بالنسبة إليه الورقة الرابحة والتي سيبرزها أمام مجلس الأمن خاصة أثناء تقديم المبعوث الأممي “ستيفن دي مستورا ” تقريره وخطته للأمم المتحدة حول قضية تجميد القتال في حلب، والتي رأى الكثيرون أنها مجرد خطة تدعم مساعي النظام في السيطرة على المدينة وتسهل دخوله إليها عبر ما يسمى خطة وحل سياسي، فهو في وضع لم يستطع من خلاله إحكام قبضته على حلب وذلك من خلال أعماله العسكرية فلجأ إلى فجوة أخرى علَّه يعبر عبرها إلى حلب ويفرض سطوته عليها.أما الحقيقة والواقع بالنسبة إلى النظام ومواليه فهو مغيب تمامًا ومنافٍ ورافضٌ للواقع، وعلى العكس تمامًا، فهو يبرز عبر إعلامه روايات بطولاته وانتصارات بواسله ودحرهم المسلحين، ويفرض على الناس تصديق كلّ ذلك وأنَّ كلَّ ما يحصل هو مجرد حرب نفسية وإعلامية تهدف إلى النيل من صمود نظام أجرم بحق إنسانيةِ كلِّ إنسان وكل شخص على أرض سورية.