في السابع عشر من رمضان وقعت غزوة بدر الكبرى بين الحق والباطل، وكانت بمثابة إعلان عن ولادة دولة الإسلام القوية القادمة.
خرج المسلمون يريدون عِيرَ قريش القادمة من الشام لعلهم يستعيدون ما أخذه مشركو قريش منهم عندما هاجروا من مكة إلى المدينة.
ولكنَّهم فوجئوا بجيش قريش الجرار والمتغطرس، وكانت المواجهة بتقدير إلهي، وانتصروا، فقد أراد لهم الله تحقيق ما هو أعظم من القافلة، أراد لهم المجد بين العرب وعلى مرِّ الدهر
عندما كان المسلمون يسيرون على هدي النبي، وعندما كانوا متآخين، وعندما كانوا صادقين في إيمانهم … تحقق لهم النصر في أقل الوسائل، وأقل الخسائر.
اليوم وفي الثورة السورية يتأخر النصر، وتزداد الخسائر، وتزداد الصعوبات، والسؤال: لماذا؟! لا بدَّ من مراجعات في طريق الثورة وإلا سنفقد أدنى المطالب التي خرجنا نبتغيها.
ومن الأسباب التي أخرت النصر قياساً على غزوة بدر نذكر ما يلي:
أولا: التشتت الذي نعاني منه والذي سببه اختلاف الأهداف بين الثوار على الأرض، والذي عمل النظام وحلفاؤه على ترسيخه، والذي وقع فيه الكثيرون.
ثانيا: الأنانية والإقصاء الذي نفذه كثير من الذين مسكوا بزمام الأمور بداعي الدفاع عن الثورة، والحقيقة أنَّهم يحتفظون بمكاسب الثورة وميزاتها لشخصهم …
ثالثا: افتقار الكثيرين إلى الصدق …
الصدق … في الولاء
الصدق … في العمل
الصدق … في ابتغاء الوحدة فيما بيننا …
رابعا: غياب القائد المخلص الذي يسعى إلى خير الناس …لا لمصلحته والذي تجتمع عليه الكلمة، القائد الذي يقضي بأفعاله وممارساته على الظلم، بدلا من تداول الظلم من أيدي الطغاة إلى يديه …
عندما سار المسلمون على نهج الهدي النبوي، وكان هدفهم القضاء على الظلم الحاصل عليهم وعلى الناس، وعندما كان قائدهم رسول الله يكشف عن بطنه ليقتص منه سواد، وعندما كان يستشيرهم ويشركهم في كلِّ أموره … كان النصر حليفهم …
واليوم لا سبيل لتحقيق النصر إلا عندما يتوافر لدينا قادة على نهج قيادة النبي، وعندما يتوافر أناس متآلفون … ولا يرضون بصناعة طغاة جدد ويقفون في وجه كل من أراد أن يتاجر بهم … عندها سيكون النصر حاضرا، وسيكون قريبا …
غزوة بدر ليست مجرد ذكرى تمرُّ على أسماعنا … إنَّها مدرسة علينا أن ننهل من معينها، ونستقي منها الدروس التي تدفعنا للمستقبل …
وإلا فإنَّ الأنهار الجافة لا تتلقى شكرا على ماضيها …