بقلم أنس إبراهيم
في حادثةٍ غريبةٍ من نوعها، بدأ بعض العنصريين يتحدّث عن أواصر صلة النسب بين مدينة منبج السورية وبين القومية الكردية إبّان الحملة الشرسة التي تتعرض لها المدينة، في محاولةٍ من الانفصاليين إيجاد تاريخ كردي فيها، فهي في نظرهم القاصر مدينة كردية في الأصل واسمها (مابوك) وتعني العروسة الخالدة.
وإنَّه بحسب تعبيرهم المبتلّ بل المغموس بلسان الحقد والبغض والمكر والخديعة يجب على الأكراد أن يعرفوا تاريخها قبل إعلان تحريرها. في محاولة لزيادة الشرخ بين الأكراد والعرب في الشمال السوري.
لقد زعموا أنّ مابوك مدينة الشمس وعروسة كوردستان الخالدة، المعرّبة إلى (منبج) هي مدينة كوردية ميتان هورية شمسانية الأصل، واسمها كوردي، وأنّ أجدادهم الهاتيين الآريين الشمسانيين (الحثيين) استولوا عليها، وهم الذين هاجموا بلاد أقربائهم الميتان هوريين في روج آفاي كوردستان (شمال سوريا) منطلقين من جنوب جبال طوروس الكوردستانية في شمال كوردستان المحتلة، في فترات حروبهم التوسعية واتخذوا المدينة الكوردية (كركاميش) المقدّسة (جرابلس).
ويتابعون في كشف لثام الضغينة عن سواد قلوبهم قائلين: إنَّه بعد غزوات الصحراويين الأمويين (الآشوريين) على بلاد الكورد، حاول الملك الآشوري (سلمناصر) تبديل اسمها إلى (ليتا آشور) وتمَّ تحريرها من احتلالهم الصحراوي الظالم مرة أخرى على يد أجدادهم الميديين، ثمّ عادت مدينة مابوك الكوردية الشمسانية المقدّسة مرة أخرى إلى الحضن الكوردستاني بدماء أبنائها البررة.
أنا لا أريد أن أسرد تاريخ منبج وأصل تسميتها فهنالك الكثير من الروايات ولك أن تطلع عليها بنفسك، كما إنَّه ليس المقام هنا مقام إثباتٍ أو ردّ للأباطيل التي تبجّحوا بها، وإنَّما المقام هنا هو مقام تذكير بخطورة هذا الحزب المعادي للثورة السورية، أضف إلى ذلك خطورة المؤامرات والمخططات التي تشبك خيوطها قوات سورأمريكا الديمقراطية التي تسعى بادئ ذي بدء من وراء هذا الترويج إلى تمهيدٍ فكريّ عبر بث رسائل مسمومة تطعم بها الشعبين العربي والكردي، فهي تحاول أن ترسّخ مفهوم حق استرداد الأرض المغتصبة من الشعب الكردي، وتغذّي فيهم تلك النزعة العنصرية القاتمة التي لا يرعون فيها إلّاً ولا ذمّة، أمَّا رسالتهم إلى الشعب العربي فهي رسالة كِبر واستعلاء، وتجبّر وتغطرس في أنَّنا ماضون في بناء دولتنا المستقلّة رغم أنفوكم بحسب زعمهم، مستغلين ما آلت إليه الثورة السورية حتى الآن على كافة الصعُد، وكأن الثورة هي للعرب فقط، وليست لكل السوريين عرباً وكرداً وتركماناً وأشوريين و… حتى إنَّهم رضوا بأن يكونوا ورقة سياسية عميلة قذرة تُستهلكُ في أيدي الدول التي تلهث كالكلاب الضارية وراء قضاء كلّ أوطارها من دمائنا.
وكان آخرها كشف مصدر مسؤول في قوات سورأمريكا الديمقراطية أنَّ القوات الفرنسية بدأت ببناء قاعدة عسكرية لها في مدينة عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي أسوة بالأميركيين. وأكَّد المصدر أنَّ الفرنسيين بصدد بناء القاعدة على هضبة مشتنور المطلة على مدينة عين العرب لإقامة خبراء ومستشارين عسكريين فرنسيين موجودين هناك.
ولأهمية هذا المشروع أعلن مستشارٌ للرئيس الأمريكي باراك أوباما أنَّ السيطرة على مدينة منبج التي تحاصرها قوات مدعومة من واشنطن من شأنها أن تحرم داعش من معبر استراتيجي يربط بين معقله في الرقة وقلب أوروبا.
لم يعد يكفي كل ذلك الدعم العسكري الهستيري من طائرات التحالف الدولي واللوجستي لقوات سورأمريكا الديمقراطية، بل باتت تتلقّى دعماً بشرياً، حيث يقاتل إلى جانبهم جنودٌ أمريكيون وفرنسيون لاحتلال أرضنا، ناهيك عن أذنابهم من قوات مجلس منبج العسكري.
إنّ أمريكا تتقنُ من المكر السياسي ما لا يتقنه المقاتلون الثوريون على الأرض، فدهاقنة السياسة الأمريكيون يعملون جاهدين لإرساء قواعد عسكرية في الشمال السوري بعد تمكين قواتها (قوات سورأمريكا الديمقراطية) فيها، متذرعين لذلك بمحاربة داعش وإجلائها عن مدينة منبج. وبعد ذلك تصبح الميليشيات الكردية شوكة في حلق تركيا ضمن هذه المنطقة المحاذية لحدودها الجنوبية بيد أمريكا، وورقة رابحة تستخدمها متى شاءت لتأمين مصالحها، وتحريك دفة القوى المتصارعة على الحكم عن كثب.
لقد وجدت أمريكا ضالتها المنشودة في الأحزاب الانفصالية الكردية كخنجرٍ مسموم تطعن به الثورة السورية، وعلى أخوتنا الكرد الوطنيون مجابهة هذه الأحزاب، قبل أن تتفشى العنصرية الجاهلية في سوريا، فإنها منتنة هي ومن يدعو إليها .