ستُّ سنوات مضت على عمر الأزمة السورية، وقد مرَّت خلالها بمراحل مختلفة بين مدٍّ وجزر. دولة قطر كانت حاضرة في الأزمة السوريةفيها منذ بدايتها حين كانت تقف وراء عقد جلسات للجامعة العربية ومجلس الأمن متمثلة بحمديها المنصرفين لاحقاً، إذ أنها إنَّها منذ ذلك الحين قد تعهدت بالوقوف إلى جانبإلى جانب الشعب السوري، وتمويل نفقات ما يلزم لاستمرار ثورته الشعبية حتى النهاية وحتى تحقق كلِّ أهدافها.
لقد تعبنا في فهم الدور القطري خلال سنوات الثورة السورية، فقد نجدهافنجد قطر تموِّل وتدرِّب عناصرا للجيش الحر والفصائل الأخرى، و في الوقت نفسه كانت تقف في منتصف الطريق وترعى بعض الصفقات التبادلية تحت مسميات مختلفة منها الانساني الإنساني ومنها السياسي، ونذكر بعضاً منها كصفقة الإفراج عن الراهبات المعتقلات في كنيسة معلولا، وصفقة الإفراج عن الرهائن اللبنانيين المختطفين في منطقة اعزاز أعزاز شمال حلب. ،
وصفقات أخرى كان آخرها صفقة تبادل كبيرة مريبة، هذه المرة كانت تلك الصفقة كبيرة حتى تكاد أن تكون أكبر من حجم قطر ودورها الإقليمي، ما كانت وهذه الصفقة ما كانت لتكون لولا التعاون مع الجانب الإيراني، وهذا ليس مجرد اتهام لقطر أو هو سرسرّ يمكن البوح به، فالكل يعلم بزيارة وزير الخارجية القطري إلى إيران في شباط 2014 وقبلها بأيام استقبل الرئيس الإيراني سفير قطر لديه وبحثا العلاقات الثنائية والعامة في المنطقة، ثمَّ تلتها زيارة لوزير الخارجية الإيراني للدوحة في 8 / 3 / 2017 وعقد لقاءات مع الملك تميم والقيادة القطرية.
ليس هذا هو المهم، ولكن ما فاجأنا تلك الصفقة الكبيرة المتمثلة في تبادل كامل لأهالي بلدتي الفوعة وكفريا مع أهالي الزبداني المحاصرين والمهجرين إلى مضايا وممَّن يرغب من أهالي مضايا ذاتها والمهجرين منهما إلى لبنان، مع وقف لإطلاق النار لمدة ستة أشهر وقد قيل لتسعة أشهر يشمل قرى وبلدات الزبداني ومضايا وبقين وسرغايا وغيرها من قرى وبلدات وادي بردىوادي بردى والقطع العسكرية المحيطة بها من ريف دمشق، مقابل القرى المحيطة بإدلب وهي الفوعة وكفريا وإدلب وبنش وطعوم ومعرة مصرين ورام حمدان وزردنا وشلخ.
كما تمَّ الاتفاق على إطلاق سراح 1500 معتقل من سجون النظام سيتم الاتفاق على أسمائهم لاحقاً، وقد وقع هذا الاتفاق مجموعة من الفصائل المسلحة وبرعاية قطرية وإيرانية، لا بل كان الموقع على الاتفاق من الطرف الآخر ممثلين عن إيران ذاتها وحزب الله.
أي دور قطري هذا؟ ! ثمَّ ما مصلحة قطر بتبني هكذا اتفاق ورعايته؟ بل أين مصلحة الشعب السوري في هذا الاتفاق؟
حتى نعلم ذلك كله علينا أن نورد ردود الأفعال من المعارضة السورية السياسة والمسلحة على ذلك. لقد أصدرت الهيئة العليا للمفاوضات بيانا تقول فيه: أن إنَّ هذا الاتفاق هو اعتداء على حقوق سكان هذه المدن بالبقاء في بيوتهم، وهذه المشاريع تستهدف سورية وطنا وشعباً، وقد أعربت الهيئة عن استنكارها لهذا الاتفاق كونه يخدم مشاريع تقسيمية.
كما استنكر الجيش الحر هذا الاتفاق، ورفضه جملة وتفصيلا فضلاً عنلى الرفض الشعبي لهذا الاتفاق الذي لم يستطعلا يعطي تفسيراً لترحيل كلِّ هذا العدد من المواطنين عن من بيوتهم بشكل كامل، وكأنَّه يؤسس لمرحلة تقسيم طائفي في سوريا.
وعن سبب رعاية قطر لهذا الاتفاق، أعلن رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان في تصريحات له أنَّ لقطر مصلحة كبيرة في هذا الاتفاق، فهي أي- قطر-فاوضت إيران على إطلاق سراح لمعتقلين من الأسرة الحاكمة في قطر تمَّ اختطافهم من قبل ميليشيات شيعية عراقية موالية لإيران في 18 كانون الأول عام 2015 مقابل إتمام هذه الصفقة، وإطلاق سراح ثلاثة معتقلين قياديين من حزب الله تمَّ أسرهم من قبل هيئة تحرير الشام، والاتفاق على دفع مبالغ كبيرة للفصائل المعارضة من قبل دولة قطر. ، وقد أكَّد هذا الكلام مصدر مسؤول في هيئة المفاوضات في جنيف لم يرغب في الكشف عن اسمه.
وقد اتفق على أن تنفذ الصفقة خلال ستين يوما وعلى مرحلتين.
مهما يكن من أمر فإنَّ قطر لعبت الدور المركزي والعرَّاب لهذا الاتفاق تحقيقا لمصالحها الخاصة جداً، ونزولا عند رغبة ايران إيران وحليفها حزب الله دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب السوري أو النظر إلى النتائج الكارثية التي يمكن أن تنتج عن هذا الاتفاق وانعكاساتها على وحدة الشعب السوري ووحدة أراضيه، ودعما للمشاريع التقسيمية التي تلوح في الأفق.