بقلم رئيس التحريرإن البشريات الإلهية والوعود بتحقيق النصر على العدو والتمكين في الأرض دلائل على وجوب حدوثها وتحققها، مهما تأخر الوعد وطال الطريق واستيأس السائرون وساورتهم الهموم، وهي تحمل في طياتها أسبابها ومحركات العمل والتوجيهات التي تقود دفة السفينة نحو الهدف المنشود.ولا شك أن هذا النصر الموعود يجب أن يظل حاضرًا بقوة في أذهان العاملين من أجله، لأن غيابه قد يفتح بابا واسعًا للإحباط والتراجع، فيتحول العمل بعد لأْيٍ إلى مجرد حركات اعتيادية تخبط خبط عشواء وتضيع طاقاتها في عملية المراوحة في المكان والدوران في حلقة مفرغة. وينبغي أن تبدأ عجلة العمل من الأهداف المرجوة، لتكون حاضرة في العقل والوجدان، فهي التي تحدد صحة الطريق من فساده، وترسم حدود إمكانية الوصول وخطوط الأولويات.وقد غابت الأهداف عن ثورات الربيع العربي، فتحولت الجهود إلى هباء، فقد اكتفت الثورات التي قارعت الأنظمة العميلة المستأجَرة اكتفت بالنصر في معركة من المعارك الميدانية، فصار عزل الرئيس أو هرب الرئيس أو قتل الرئيس أو (خوزقة) الرئيس هو الهدف الكبير الأخير! فارتاحت الثورة بعد أن ظنت أن البلد بخير، وفسحت الطريق للفلول من حيث لا تشعر، ووزعت شهادات حسن سلوك على من كان يقتل أبناءها ويغتصب نساءها، فتصدر المجرمون ليجنو ثمار الثورة (على المرتاح)، فغياب الهدف أو ضبابيته في مصر مثلا أدى إلى صعود ربائب مبارك بقوة لأنهم (زي الدهب) كما قال أحدهم!وهذا بالطبع لا يتفق مع الرؤيا الثورية التي من أجلها ضحت الشعوب بأمنها وأموالها ودمائها، فهو خلل واضح في الأسباب الموصلة إلى النصر الحقيقي.إن غياب الجواب عن سؤال من سيجني جنى الثورة صورة من صور غياب الوعي بمفهوم النصر وأسبابه، ودليل على غياب المشروع السياسي القادر على إدارة البلاد بعد عزل الرئيس أو هربه أو شنقه أو (خوزقته).