يسرى عبدو
أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ فلا يمر يوم من دون متابعة برنامج على التلفاز، أو الجلوس أمام الكمبيوتر لعدة ساعات، أو حتى وجود هذه التقنيات في متناول أوساط اجتماعية عديدة، وخاصة الأطفال؛ مثل (الآيباد، البلاك بري، والآيفون، و … و …) وكما نعلم بأنَّ كل أداة نستخدمها هي سلاح ذو حدين.
ومن هنا ننطلق، فقد حرصت أُسر عديدة على توفير هذه الألعاب الإلكترونية لأبنائهم دون أن تعلم أنَّ الإدمان على هذه الوسائل قد يسبب أمراضا عديدة صحية منها، ونفسية.
1.صحية:
-أمراض كالتشنج في عضلات العنق، بالإضافة إلى أوجاع أخرى في العضلات التي تظهر من الجلوس المطول، وغير الصحيح.
– السرعات العالية للمحتويات الرقمية، كألعاب السرعة، والمنافسة، بإمكانها التأثير في قصور الانتباه، كما تؤثر في انخفاض التركيز، والذاكرة، أي تؤثر سلباً على النمو السليم لعقل الطفل.
2.نفسية:
-الاستخدام المفرط للأجهزة التقنية (آيباد وآيفون و …) هو عامل مسبب في ارتفاع معدلات اكتئاب الأطفال، القلق، اضطرابات العاطفة، والانعزال؛ لأنَّ التعامل مع هذه التقنيات تنقل الطفل من واقعه الحقيقي إلى واقع افتراضي فيه اللعب والتسلية؛ فيصبح دائم اللجوء إلى واقعه الافتراضي.
-المحتوى الإعلامي العنيف: وهو الأكثر انتشاراً حالياً بسبب أوضاع الحرب؛ يمكن أن يسبب العدوانية لدى الأطفال.
وبسبب الأجهزة التقنية ينفصل الوالدين عن أطفالهم؛ مما يؤدي بهم إلى الإدمان.
قال المستشار النفسي (الدكتور أحمد الشيمي):”بيت ستيف جوبز يخلو من الألعاب الإلكترونية”
حيث ذهب وفد من المحررين إلى منزل (أبو التقنية الحديثة) إن صحت التسمية، وظنوا أنَّ منزله ممتلئ بالأجهزة التي اخترعها وإذ بالمفاجأة التي أنقلها لكل كأبٍ أو أمٍ أو مربٍّ، حيث لم يجدوا جهازاً واحداً، فلما سألوه: “وكيف يلعب أبناؤك إذاً؟” رد عليهم: “أفضّل الجلوس مع أبنائي لنقرأ كتابا”.
وهنا وقفة تأمل…. لماذا صنع ذلك؟ *والإجابة: لمعرفته بخطورتها.
والتعامل مع هذه الأجهزة، والتفاعل معها يضعف علاقة الأبناء بوالديهم، وانتشار الأمراض النفسية بينهم، وتقل قابلية الطفل على قبول قيم المجتمع، وثوابت الدين، ويحل محلّها قيم روّاد، ومُسْتَخدمي أجهزة التكنولوجيا.
كما إنَّه على الوالدين عدم إشغال الأطفال بالأجهزة للتخلص من متاعب تربيتهم، أو عند شعورهم بانزعاج فينعكس سلباً على أطفالهم؛ فنرى أنَّ للأهل الدور الكبير في الحد من هذه المشكلة بتحديد أوقات لاستخدام هواتفهم الذكيّة، لأنّها قد تحوّلهم إلى أغبياء في بضعة أشهر، بالإضافة إلى الاستفادة من استخدامها بالتعلم، أو البحث بطريقة مقننة، وبضوابط، ومراقبة.
وقد أثبتت دراسة في الأكاديميّة الأميركيّة، والجمعيّة الكنديّة لطب الأطفال يقولون:
الأطفال الرضّع حتّى عمر السنتين يجب عليهم عدم التعرض للتكنولوجيا.
أما من سن(3) سنوات إلى(5) سنوات لا بدّ أن نقيّدهم بساعة استخدام واحدة خلال اليوم.
أما الأطفال من(6) سنوات، وحتى(18) سنة يقيّدون بساعتين استخدام يوميا.
وفي الختام تعدّ وسائل التكنولوجيا من أساسيّات العصر، ولكن الحذر واجب، وإلى من يهمه الأمر من مؤسّسات المجتمع المدني وخاصة المؤسّسات التي تهتم بقضايا الطفل والأسرة بشكل عام: عليها أن تكلّف جهودها في التنسيق والتعاون فيما بينها من أجل المحافظة على نمو جيل متكامل عقلياً ضمن الأسرة التي تعد الخلية الأولى لبناء المجتمع؛ لأنَّ صلاح الأسرة وأفرادها صلاح للمجتمع والأمة.