ندى اليوسف |
في بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، وبين أحجار الجبال القاسية، يقبع مخيم (الصلاح) أو ما يُعرف بمخيم (حربنوش ٣) الذي يضم ما يقرب من ٢٨٧٥ شخصًا موزعين على ٤٠٠ عائلة تعيش أقسى ظروف الفقر والحرب.
ويعاني مخيم (الصلاح) من شح المساعدات الإنسانية وإهمال من جانب المنظمات الإنسانية وغياب التنظيم بحسب ما أفاد قاطنوه.
للاطلاع على أوضاع المخيم (صحيفة حبر) التقت المسؤولَ العام لإدارة المخيم (خالد قديمي) الذي أرجع السبب في عدم تقديم خدمات للمخيم بقوله: “المخيم غير مسجل لدى إدارة المهجرين، ولا حتى الأوتشا، وتم بناؤه من قبل منظمة (الآفاد) ورَغم تواصلنا معها لم تستجب بسبب وباء كورونا، حيث تم توزيع سلل غذائية لمرة واحدة فقط.”
وتتركز أهم المطالب من المعنيين بحسب (خالد) “بإدراج المخيم ضمن الحصص الشهرية بشكل دوري وترحيل القمامة من المخيم بالإضافة لصب وتجهيز أراضي المخيم وبناء سور للمخيم بسبب وجود كلاب حول المخيم”.
وعن مدى استجابة المنظمات أوضح (قديمي): “بادرت منظمة (سيما) بترحيل القمامة مرة واحدة في الأسبوع وهي غير كافية، وقد أدى ذلك إلى انتشار حبة اللاشمانيا”.
ومن ضمن الأمور المثيرة للجدل غياب التنسيق بين المجلس المحلي في (حربنوش) وإدارة المخيم الأمر الذي برره (القديمي) بقوله: “لم يكن هنالك أي تنسيق بيننا وبين إدارة المجلس القديم لأمور تتعلق في المخيم، ولكن نأمل أن يكون هنالك تنسيق مع المجلس الذي تم تشكيله في الفترة الأخيرة.”
(مصطفى) أحد قاطني المخيم يقول: “نحن طلعنا مظاهرات من القلة أحد ضحايا الفقر والتشريد وصف لنا معاناته بكلمات بسيطة بدأها بتلك الجملة، الكافية لإيصال معاناته ومعاناة أهل المخيم.”
وأضاف أيضًا: “سكان المخيم عاطلون عن العمل، ولم نرَ أي مساعدة، حتى الخبز الذي كنا نأخذه انقطع عنَّا في رمضان، ماعدا مبادرة شخصية، إلا أنها لا تكفي حاجة المخيم، أما المساعدات فكانت شحيحة وفاسدة لا تصلح للأكل.”
كما أكد (مصطفى) أنه “تم توزيع مساعدة مملوءة بالدود أو ما يسمى (بالسونة) فلم يستطع أحد من المخيم أن يأكلها، فاضطر الجميع لبيعها بسعر لا يتجاوز خمسة آلاف”.
وختم بقوله: “نقص المياه والصرف الصحي أكبر مشكلة لدينا، حيث قامت منظمة ببناء حمامات عامة وإلى جانبها جورة للصرف الصحي ذات الرائحة الفظيعة، حيث لا يوجد أي تنظيم للصرف الصحي، كما أن المياه قليلة رغم تركيب ألواح لتأمين المياه.”
وشهد المخيم مظاهرات طالبت بتحسين أوضاع القاطنين فيه، يقول (أحمد) أحد سكان المخيم: “خرجنا بمظاهرات نتيجة الجوع والعطش والفقر، فأوضاع العوائل سيئة للغاية، هنالك ٤٠ أرملة وأكثر من ٥٠ يتيمًا، هناك عوائل صامت رمضان بدون سحور، لأن أغلب العوائل وضعها تحت الصفر، فلم يتم توزيع أي مساعدات ماعدا التي قُدِّمت من قبل إدارة المهجرين لكنها كانت قليلة، حيث تم توزيع ٢٥٠ سلة ونحن لدينا ٤٠٠ عائلة”.
ورَغم كل ما سبق لم تُوجَّه الاتهامات لسوء إدارة المخيم، فبحسب الأهالي “الإدارة جيدة، وتسعى لخدمتهم وتأمين المساعدات من خلال التواصل مع العديد من المنظمات، فالسبب المنظمات التي تركتهم بين الجبال دون أي مساعدات”.
إلا أن أحد أبناء بلدة حربنوش وجَّه اتهامًا بالسرقة قائلاً: “في المخيم كل مين إيدو ألو، والمساعدات يتم سرقة أغلبها من قبل الأشخاص المستلمين إدارة المخيم وشركائهم، حيث يتم إعطاء الناس النصف، ولكن ليس لدينا أي دليل قاطع، فحتى إذا واجهنا الإدارة سينكرون ذلك.” وتابع متأملاً: “ينظر في أمور الفقراء في المخيم ويتم إيصال كلمتهم”.
ودفعت الظروف أحد قاطني المخيم للانتحار بسبب الفقر، حيث أكد رئيس مجلس حربنوش محمد (سليمان) بأن “الرجل حاول حرق نفسه إلا أنه تم إنقاذه”.
وطالب (سليمان) بعدة أمور تسهّل من تخديم المخيم أهمها التنسيق بين إدارة المجلس وجهة رسمية يتم التعامل معها بمصداقية أكثر.
ولا تقتصر المعناة على مخيم (الصلاح) فحولَ (حربنوش) عشرات المخيمات التي تعيش ظروفًا إنسانية صعبة بانتظار من يحسن أوضاعهم.