تقرير : عمر عرب من بين أبواب منازلهم وثقوبها تهب رياح البرد القارص لتتخلل أجسادهم وعظامهم وتستقر فيها متصدرةً قائمة معاناتهم وألمهم خاصة بحلول فصل الشتاء الذي أقبل عليهم بحلة الألم والمعاناة والبرد أكثر من السنة الفائتة، فسنة بعد سنة تزداد قساوته بردًا على الناس الذين لم يعودوا قادرين على تحصيل أي شيء بسيط يدرأ عنهم ألم البرد.ومما يزيد الوضع سوءًا هو انتشار حالة الفقر بين الناس وغلاء المعيشة على رأسها أسعار المحروقات التي هي أهم وسيلة للتدفئة ليعيشوا مهمشين في حياتهم عن وسائل تساعدهم في الطبخ والتدفئة.وحيال هذا الوضع هبّت مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها تجاه الصامدين في مدينة حلب في ظل شتاء ينبئ أوله ببرد قاسٍ، وصحيفة حبر الأسبوعية التي هي مرآة تعكس تفاصيل الشارع وتعيش همومه رصدت نشاط إحدى الجمعيات في هذا الأمر بزيارة إلى منظمة بنيان لتلتقي جمعية شباب ساعد التي أطلقت مبادرة الشتاء (دفء)، وقد حدثتنا عن المبادرة عندما حاورنا فيها الأستاذ (علي سندة) الذي قال:بعد أن هبَّ شعب سورية مناديًا بالحرية ليفك بها أغلالًا رانت على قلبه نصف قرن من الزمن، طَوَّحتْ به سنونٌ أربعٌ حتى الآن جعلته وأرض الشام ملعبًا ومسرحًا للغرب والشرق، ينفثون نيران حقدهم التي ما برحتْ نفوسهم منذ أن بُعث خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، بيد أنَّ أهل الشام وبعد ما مر بهم من السنين لازالوا يبذلون الدماء رخيصةً، متذوقين طعم كل أنواع الابتلاءات، فكلما انصرمت سنة جاءت أخرى معيدةً المشاهد من قصف وجوع وبرد, فبراميل الموت باتت مشهدًا مألوفًا لدى أنظار العالم تحصد أرواح السوريين صباح مساء، ليأتي الشتاء المُطعّم بالزمهرير والبرد القارص مجددًا المعاناة في ظل غيابٍ لوسائل التدفئة من الكهرباء التي أصبح مجيؤها حلم كل شخص، إلى ارتفاع في أسعار مادة المازوت الخاص بالتدفئة إن توفر، والذي لا يتجرأ رب الأسرة على شرائه لأن تأمين رغيف الخبز أمرٌ في سلم أولوياته خاصة في صورة ما جرى و يجري.مبادرة (دفء) التي قامت بها جمعية شباب ساعد التي ما برحت أرض حلب الشهباء مدينةً وريفًا رغم اشتداد وطأة المعارك، أطلقت قبيل تخييم فصل شتاء 2014-2015م ولم نقتصر في اسم مبادرتنا على المعنى الحرفي للكلمة، بل نعني فيها كل ما يعطي الدفء للصامدين في مدينة حلب، كتأمين حقائب اللباس الشتوي، والسلل الغذائية، وحليب الأطفال الرضع، وستستمر المبادرة حتى انتهاء الشتاء إن شاء الله.قلت: إنكم بدأتم المبادرة قبيل فصل الشتاء، لماذا عمدتم إلى ذلك؟نحن لدينا العديد من الملابس التي وردتنا عن طريق البالة، وهي بدورها تحتاج إلى فرز حسب العمر والجنس وتأخذ وقتًا وجهدًا، إضافة إلى ذلك قمنا بإطلاق حملة دعائية عبر صفحات التواصل هدفها جمع أكبر قدر من التبرعات لتأمين حقيبة شتوية تحتوي كل ما يقي البرد.بعد أن أطلقتم المبادرة، ماذا قدمتم فيها وكيف كانت آلية التوزيع؟كما أسلفت لكَ، مبادرة دفء نعني بها كلّ ما يؤمّن الدفء لأهلنا الصامدين، فقمنا مع انطلاق المبادرة بتوزيع 400 بطانية وزن 5 كيلو، و 360 حصة غذائية، وأكثر من 2000 عبوة حليب للأطفال، إضافة إلى تجهيزنا الآن حقائب شتوية للطفل بما قيمته 5900$ أما عن آلية التوزيع فنحن نعتمد التواصل مع مجالس الأحياء المعتمدة من قبل المجلس المحلي لمدينة حلب، الذين بدورهم يستهدفون العوائل الأكثر حاجة المسجلة لديهم.وختم علي سندة قائلًا: المعاناة لن تنتهي، والعمل مستمر مادام هناك أشخاص بحاجة إلى تأمين ما يقيهم برد الشتاء، وسنعمل كل ما بوسعنا، وبكل الإمكانيات لدينا كي نكون لأهلنا الصامدين عونًا وسندًا بعد الله في وجه آلامهم ومعاناتهم.