تقرير: عمر عرببعد الخسارات الكبيرة والمتلاحقة التي مني بها النظام على أرض الواقع، حيث كانت زمام الأمور بيد الثوار على الأرض، اضطر إلى تغيير استراتيجيته وتحصين نفسه وتأمين خطوطه الدفاعية الأولى، وذلك من خلال الاستعانة بحليفه الأبرز والأقوى روسيا، تحالف ودعم جوي كثفت من خلاله روسيا من ضرباتها لمواقع الثوار والمدنيين بحجة ضرب الإرهابين، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل قامت بتعديل خطة النظام باستخدام الأرض المحروقة، وتعدتها إلى استهداف البنى التحتية بشكل كبير جداً، لتقوم بقصف مبان ومنشآت لم تقصف من قبل، هذه المنشآت لا يقتصر عملها على من حولها، بل يشمل أعدادا كبيرة من الناس المستفيدة من خدماتها، عداك عن ذلك فإنَّ البنى التحتية والمنشآت بشكل أساسي تسهم في تفعيل إنتاج جميع مجالات الحياة لأي دولة كما تعتبر أحد المقومات الأساسية في النجاح الاقتصادي لها.الأماكن التي استهدافها الطيران الروسي…لقد قام بقصف محطة المياه الرئيسية في حي سليمان الحلبي بعدد من الصواريخ، وأفادت الإدارة العامة للخدمات بحلب أنَّه تمَّ توقف ضخ المياه نتيجة للأضرار الجسيمة التي لحقت بها، والتي أدَّت إلى خروج عدد من المضخات عن العمل التي كانت تغذي مدينة حلب، إضافة إلى مقتل سبعة من المدنيين، وإصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح خطيرة، كما أغار الطيران الروسي على الفرن الرئيسي في بلدة الأتارب في ريف حلب الجنوبي الغربي ما تسبب بتوقف الفرن عن العمل بشكل نهائي بسبب الدمار الكبير الناتج عن ذاك القصف، ويغذي مخبز الأتارب قرابة 200 ألف نسمة انحرموا جميعهم من الخدمات التي يقدِّمها الفرن، الأمر الذي ربَّما يشكل كارثة إنسانية بحقهم إذا لم يتم تدارك الوضع مباشرة.ولم تقف غارات الطيران الروسي عند هذا الحدِّ، بل قامت أيضاً باستهداف معمل الديري لإنتاج خيوط البوليستر الواقع على الطريق الدولي دمشق -حلب الكائن في ريف حلب الغربي، والذي يعتبر من أشهر وأكبر معامل النسيج من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، وقد تسبب القصف بسقوط العديد من الشهداء والجرحى من العمال والموظفين الموجودين داخل المعمل، كما حاصرت الحرائق المشتعلة ما يقارب 400 عامل في داخله، وأدَّت إلى دمار هائل في الآلات وسيارات الشحن المتواجدة في المكان.بين الخطط المطروحة والمدروسة، وبين غارات روسيا على أرض الواقع…القصف يتركز في مدينة حلب على أكثر المناطق حيوية ونشاطا، وهذا الدمار الذي يخلف القصف في مثل تلك المناطق يعني إبادة البشر والحجر وكل ما يساعد على الحياة ربما هذا ما يتطلع إليه النظام وروسيا، وهو القضاء على أهم الركائز التي تأمن سبل الحياة والعيش، كل ذلك و التصريحات الصادرة عن روسيا ومحدثيها تقول بأن الضربات موجهة بشل أساسي تجاه الإرهابين، حيث أكَّد الجنرال أندريه كارتابولوف رئيس المديرية العامة للعمليات في هيئة الأركان العامة الروسية أنَّ الضربات تستهدف فقط مواقع تقع خارج المناطق المأهولة، كما كشف أنَّ طائراته تنفذ يوميا ما بين 60 و80 طلعة قتالية.شهادات من أشخاص كانوا داخل الحدث…صرَّح أحد المدنيين الذين تضرروا من القصف الروسي العنيف بأنَّه كان لديه أهم معمل ومستودع لاستيراد وتصدير المواد الغذائية في المدينة، والذي كان يساهم في سدِّ حاجة الناس، وفي رفع المستوى الاقتصادي بعض الشيء في المناطق المحررة، ومصدر رزق لمالكه، إلا أنَّ القصف المتكرر والذي استهدف المعمل والمستودع أدَّى إلى دمار ما يقارب 65% منه وخروجه عن العمل.كما أفاد أحد العاملين بالفرن في مدينة الأتارب أنَّ الأضرار التي لحقت به تجاوزت 90% فالدمار الهائل قد حصد كل ما حوله.أبعاد هذا القصف ونتائجه…المشكلة الأساسية تمكن في أنَّ هذا القصف لا يعود بالنتائج السلبية سوى على المدنيين، لأنَّ الكثير من الأعمال والمصانع والمشاريع الكبيرة قد توقفت، والتي كانت تسهم بسير عجلة الاقتصاد في تلك المناطق، إضافة إلى أنَّ المدينة الصناعية في حلب، والتي كانت تعدُّ من أهم ركائز الاقتصاد فيها قد شُلت وأصبحت بيد النظام، عداك على أنَّ هذه المنشآت التي تغذي المناطق التي حولها باتت لا تتجاوز الواحدة أو الاثنتين، وقصفها يعني حرمان أعداد كبيرة من الناس من الخدمات والفوائد التي تقدمها، مع أنه سابقاً كانت الفوائد المعول عليها تشمل الشرق الأوسط، كمعمل الديري الذي قصف.في النهاية القصف لا يزال مستمرا، والدمار في ازدياد متواصل، والناس مع كل ذلك تلملم أحزانها، وتخلق لنفسها مصادر عيش أخرى على الأقل تكفيها زاد يومها، والأمللم يمت فيهم، بل يقومون بتأسيس مشاريع صغيرة يمكن لها أن تغطي جزءًا من احتياجاتهم واحتياجات من حولهم.