أطلق ناشطون حملة بعنوان “مين زوجك؟” على الجدران بطريقة “غرافيتي” في الشمال السوري بعبارات توعية عن مخاطر هذا الزواج، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إيقاف تزويج السوريات من المهاجرين مجهولي النسب نظرًا لانتقال المشكلة من حالات فردية إلى ظاهرة عامة، ونظراً للأضرار الناجمة عن هذا الزواج على المرأة والمجتمع السوري.
وحذرت الحملة من مخاطر هذا الزواج الذي قد يثمر عن إنجاب أطفال مجهولي النسب، ما يؤدي إلى مفاسد اجتماعية لأن الأطفال غير مُعترف بهم في السجلات المدنية السورية فيُعتبرون كاللقطاء تمامًا، ونشرت الحملة على صفحتها إحصائية بحدوث 1735حالة زواج بين سوريات ومقاتلين أجانب أثمر عنها إنجاب 1826 طفلا دون أي حقوق، بينما تم إحصاء 193أرملة ومطلقة و165 امرأة هرب أزواجهنَّ.
عادات وتقاليد مختلفة
معظم زيجات السوريات من مهاجرين باءت بالفشل إما بالطلاق أو الترمل أو هروب الزوج خارج سورية، وعلى سبيل الإيضاح رصدت (حبر) حالات أوضحت التباين الكبير في اللغة والعادات والتقاليد التي كانت من أهم أسباب فشل هذا الزواج:
“سلمى” طفلة سورية يتيمة تبلغ من العمر 15 عامًا من مدينة إدلب، زوَّجتها والدتها لمهاجر “أوزبكي” قالت: إن والدتها أرغمتها على ترك دراستها وزَوّجتها من شخص يدعى “أبو مجاهد” وانتهى هذا الزواج بالطلاق بعد 4 شهور بعد أن تنازلت عن كافة حقوقها والسبب أنه يكبرها 20 سنة وكان يتركها لأيام دون طعام، فهو متزوج من 3 نساء أخريات، لم تكن تفهم على لغته بشكل جيد معتمدة على الإشارات ولغة الجسد، وأضافت: إنها لم تحب الطعام الذي يحضره بالأخص البيض المسلوق مع الكولا، وإنها في بعض الأحيان تتعرض للضرب.
أما “غادة” 32 عامًا تروي لحبر: “زوجي حسن الخلق معي، ولم يتغير أبدًا، إلا أنه لا يهتم بلوازم المنزل مطلقًا، فهو فقير للغاية يذهب للجهاد لأيام دون أن يترك لي مالًا، فأحضر من بيت أهلي بعض الاحتياجات الضرورية، لا قيمة للأشياء عنده، وكلما أطلب منه شيئا يجاوبني لا داعي له لدرجة أنني طلبت منه لوازم للمولود القادم فأجاب: إنها غير ضرورية حاليًا، مع العلم أنني على وشك الإنجاب”.
أما الحملة فقد رصدت سلبيات هذا الزواج على صفحتها، وأهمها عدم معرفة اسم الزوج الحقيقي حتى في عقد الزواج، فمعظمهم يُكَنَونَ بأسماء كـ “أبو الدرداء، أبو قتادة، أبو بكر، أبو القعقاع وغيرهم.. ” لأسباب أمنية ووقائية بحسب ادعاء أصحابها أو مشجعي هذا الزواج، كما سلطت الحملة الضوء على أهمية الأسرة التي تعتبر اللبنة الأولى في بناء المجتمع السليم.
طفل بلا جنسية لن يكون له حقوق مدنية
ركزت الحملة على مستقبل الأطفال وهويتهم، فهم قانونًا وحكمًا مجردون من كافة حقوقهم المدنية (التعليم، الجنسية، الهوية، الحماية إضافة للرعاية الصحية) وغيرها من الحقوق التي تحفظ مستقبله وكرامته.
لم تكن تدرك “بيان” 21 عامًا من ريف إدلب أن زواجها من مهاجر مصري سيثمر عنه طفلة مجهولة النسب، تقول بيان: ” لقد تزوجت دون عقد رسمي في المحكمة، إلا أننا سجلنا عقد الزواج عند شيخ من القرية ولم أتمكن حتى اليوم من تسجيل طفلتي باسمه، فهو لا نسب له في العقد، والأمر ازداد تعقيدًا بعد مقتله في أحد المعارك”.
من جهته أصدر مجلس الإفتاء الإسلامي السوري فتوى بتحريم زواج المرأة من مجهول الاسم والنسب، ونصها: “لا يجوز للمرأة الموافقة على الزواج ممَّن يخفي اسمه ونسبه لِما يتبع ذلك من أضرار ومفاسد شرعية واجتماعية ولمخالفته مقاصد الشريعة ” معتبرًة أن عقد الزواج من مهاجر دون نسب باطل شرعًا لأن الإشهار باسم ونسب الزوج والاستقرار شرطان أساسيان في عقد الزواج في دين الإسلام.
أسباب الزواج
اعتبر منسق الحملة الإعلامية عاصم زيدان أن هذه الظاهرة كان لها آثار سلبية آنية ومستقبلية على الأسرة والمجتمع انتشرت منذ عام 2013 في أرياف حلب وإدلب وأبرز أسبابها هو الجهل وقلة الوعي بمخاطر هذا الزواج والفقر وارتفاع نسبة العوانس والأرامل في المجتمع السوري، إضافة إلى تأثر بعض السوريين بأفكار المتشددين الذين كان لهم دور في تلميع صورة المهاجرين من مبدأ أنهم مسلمون وتركوا بلادهم وأهلهم وجاؤوا لنصرتنا.
وأثارت هذه الحملة خلافات واسعة بين رواد المواقع الاجتماعية، فمنهم من شجعها رغم أنها أتت متأخرة، وآخرون استاؤوا منها لأنها تطعن بأخلاقيات وخصوصيات السوريات والمهاجرين وأطفالهم.
فهل ستثمر حملة “مين زوجك؟” عن توقيف زواج السوريات من ذوي النسب المجهول؟!