آ. ناديةإنَّ أجمل ما في حلب أنْ تنطلق صباحاً لترى شبابها يتسابقون تسابق الفرسان متسارعين ليضع كلٌّ منهم أوَّل لبنة يبنى بها صرح قلعة الدولة الإسلامية، هذه الفئة العمرية التي صَدحت بصوتها القوي رافضةً الرضوخ والاستسلام، رافضة الرجوع والانقياد، يسطِّرون تاريخنا ويبنون مجدنا وعزتنا وحضارتنا، وينسون ماضينا الأليم المرير.ولكن أجمل لحظة عندما نجالسهم ليكونوا هم المحاضرين ونحن المستمعون إلى كلماتهم المليئة بالتفاؤل التي تمنحنا الراحة والاطمئنان على مستقبل أبنائنا، إنَّهم يخطون بأناملهم كلمات يشحذون بها الهمم ويعلون بها القمم، ويطفئون بها الجحيم ليفعموا قلوبنا بيقين أنَّ النصر آتٍ لا محالة.لكن ما لفت نظري عند مجالستي الكثيرة لهم أنَّهم يدعمون أقوالهم بأقوال الأدباء والمفكرين والمستشرقين ويستشهدون بالشعراء الغربيين! أين أنتم شباب أمة الإسلام من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الذي فتح بكلماته قلوباُ غُلفاُ، وآذاناً صماً، وأصلح دنيانا بأسرها، وهدانا سبل السلام والسعادة في أخرانا؟! حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه من الفوائد العلمية والأخلاقية والرقائق الوجدانية ما يشدُّ المستمع إليه ويهز مشاعره ويغذي فكره ويصقل ذوقه ويهدي قلبه ونفسه وروحه.وفي حديث رسول الله تجد البلاغة الإنسانية التي سجدت الأفكار لآيتها، وحسرت العقول دون غايتها، ألفاظ النبوة يعمرها قلبٌ متصل بجلال خالقه، ويصقلها لسانٌ نزل عليه القرآن بحقائقه، فهي إن لم تكن من الوحي الجلي فإنَّها جاءت من سبيله، محكمة الفصول ليس فيها عروةٌ مفصولة، محذوفة الفضول حتى ليس فيها كلمة مفضولة، وكأنما باختصاراتها وإفادتها نبض قلب يتكلم، وإنما هي في سموها وإجادتها مظهر من بلاغته وفصاحته، فهذا هو حديث رسول الله كأنَّه تسبيح الفلك أو ترانيم الوجود ينساب في الأفهام قبل الأسماع، وفي القلوب قبل الأفهام.فهيا إخوة الإسلام، إخوة الأدب وجماله، إخوة البيان وكماله إلى بيانِ أفصح ناطق بالضاد ننهل من رحيقه و سلسبيله أحكم المعاني لنتزود بأصح فكرٍ في أعلى أسلوب وأسمى بيان، فلا أقول انتهوا عن الشعراء والأدباء والمفكرين، لكن أقول: كلام سيد المرسلين أولاً.