بقلم: باسم الأفنديرئيس تحرير صحيفة حبر سابقاً “أن تنهزم بقواك الخاصة خير لك من أن تنتصر على أيدي قوات أجنبية” نيكولا ميكافيلليلا يخفى على أحد الدعم الروسي لنظام الأسد منذ اللحظة صفر لانطلاق الثورة السورية، فقد كان دعمُ الروس وما زال غيرَ محدود في كل مجالات الإثم والعدوان على الشعب السوري من مال وعدة وعتاد وتقنية وخدمات استخباراتية، ويمكن تصنيف التصريحات الروسية مؤخراً بدعم نظام الأسد في “معركته ضد الإرهاب” بـ(البائتة) والمضلة، ولا يمكن اعتبارها 0إلا إعلاناً لهزيمة كل +ما استخدم مسبقاً من أذناب في محاولتها وأد الثورة السورية كالنظام الإيراني وحزب الله إضافة إلى نظام الأسد، بل أعتقد أن الإعلان اليوم جاء من باب الحرب النفسية 0و محاولة بث الرعب والوهن في نفوس ثوار سورية من الجيش الروسي صاحب التاريخ الحافل بالخسارات والهزائم.معظم التحليلات تقول إن الولايات المتحدة الأمريكية استدرجت الدب الروسي للمرة الثانية إلى سورية بعد أفغانستان ليتم استنزافه وإغراقه وتدميره من جديد، لكن المحللين الروس يسخرون ويقولون “يجب بناء الجبال وطمر البحر الأبيض المتوسط لتتحول سورية إلى أفغانستان”، فأمريكا حسب اعتقادهم:1-لن تستطيع تشكيل تحالف معادٍ لروسيا في الشرق الأوسط، لأنها ستبدو كداعمة لتنظيم الدولة الذي استخدمته القوات الجوية الروسية كحصان طروادة وذريعة لضرب “الإرهاب” الذي عرفه وزير الخارجية لافروف بأن الإرهابي هو من يتكلم كإرهابي ويمشي كإرهابي ويتصرف كإرهابي ويقاتل كإرهابي في إشارة إلى كل من يعارض الأسد في سوريا.2-كما أن روسيا لن تتدخل برياً، لأن هناك قوات حليفة جاهزة لقتال “الإرهاب” في سورية في إشارة لجيش الأسد وميليشيات إيران وحزب الله، التي لولا هزيمتها في سورية لما صرحت روسيا بأنها تتدخل في سوريا لدعم الأسد.الضربات الجوية مهما كانت مركزة ومدمرة إلا أنها لا تصنع نصراً دون وجود قوى برية تقاتل و تسيطر على الأرض، فإن كان المحللون الروس يشيرون بالقوى الحليفة الجاهزة لقتال “الإرهاب” إلى ميليشيات الأسد وإيران المتهالكة والمهزومة أصلاً، وإن أصرت روسيا على المضي قدماً في منع سقوط الأسد فإنها ستزج بقواتها البرية في المعركة حيث ستلاقي مصيرا أسوأ من مصير ميليشيات الأسد وإيران لما عرف عن الجيش الروسي من تاريخ عسكري غير مشرف، فقد انتهت معاركه في أفغانستان بانهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي وانتهت معركته الأولى في الشيشان إلى استقلالها، وكللت معركته الثانية في الشيشان أيضاً بخسارته لفرقتين عسكريتين كاملتين، وبذلك يفقد الروس نقطة قوة يعتقدون أنها ستحول بينهم وبين تكرار السيناريو الأفغاني.وإن رفعت الولايات المتحدة حظر تزويد الثوار بمضادات جوية صاروخية يكون الروس قد فقدوا نقطة القوة الثانية وتكون أميركا قد استدرجت روسيا وحلفها “الذي قد يضم كوريا الشمالية والصين وإيران ” فعلا إلى الفخ السوري الذي سيجعل من جيوشهم أضحوكة العالم وعبرة الجيوش الطاغية المغترة بقوتها وقتلها للضعفاء.كل ما سبق مجرد تحليلات وتخمينات بنيت حسب فهم طبيعة الروس والأمريكيين وتشوق هاتين الدولتين الطاغيتين لتصفية حساباتهما على أرض سورية حيث قد تتقاطع مصلحة الشعب السوري آنياً مع الولايات المتحدة.قد يكون كل ما سبق من تحليلٍ خاطئٌ تماماً، وقد يكون هناك اتفاق روسي أمريكي في الإجهاز على الثورة السورية، إما قصفا وتدميراً، أو ضغطاً على القوى الثورية لتنضم إلى تنظيم الدولة نكاية بسكوت العالم عن إعلان روسيا حرباً ” صليبية مقدسة ” على المدنيين السوريين، وذلك سيكون في صالح أعداء الثورة والشعب السوري الذين سيستثمرون هذا الاستقطاب لكيل ضربات أشد على الثورة السورية التي قطعت شوطاً كبيراً وهزمت نظام الأسد وإيران وحزب الله وأنها وإن أرادوا لها أن تكون عبرة للشعوب الثائرة باتت ثقبًا أسودَ يبتلع الأنظمة الطاغية. ومما لا شك فيه أننا في سورية سنمرّ في فصل جديد يكون أكثر ابتلاء ودموية مما سبق، وعلينا أن نفهم طبيعة المرحلة القادمة مستفيدين من دروس المراحل السابقة التي أثبتت أن الدول التي اعتبرت نفسها صديقة لنا حاولت وتحاول استخدامنا في معارك الانتقام وتصفية الحسابات على أرضنا من أعدائها حتى ضاقت سماؤنا بطائراتها الحربية التي لم تنصرنا رغم شلالات الدم حتى اللحظة.من الأفضل أن نقتنع أننا وحدنا هزمنا جيش الأسد وإيران وحزب الله هزيمة منكرة، وأن نعتقد أننا يجب أن نواجه كل ما سيأتي كعادتنا منفردين دون التعويل على عداوة الروس للأمريكيين الذي قد يكون أكذوبة تهدف إلى جعلنا ننتظر حلفاء مفترضين وأصدقاء مزوّرين ليسرقوا ويؤمركوا نصرنا المحتوم أو ليتحولوا إلى أعداء لدودين.