محمد حميدي |
إنَّ ما حصل وما يحصل في سورية ليس جديداً قط، وليس غريباً أيضا، لكن الغريب أنَّنا لم نتعلم من تلك الدروس السابقة، ومن أخطائنا المتراكمة التي توالت بدون فواصل أو نهضة أو إنجاز، بل كانت في انحطاط مستمر، ومن تدهور إلى آخر أشدَّ منه، حتى استيقظ جزء بسيط من الشعب وقلة قليلة، فوجدت نفسها في آخر الجبل… أمَّا العامة من الناس فمازالوا منخدعين بكلمات نارية تشفي غليل صدورهم… ومازالوا يقتانون على أوهام لا تسمن ولا تغني من جوع، فالعاقل الذي يتفكر في تدرج المسألة السورية يجد أنَّ الحلقة تضيق، والخناق يشتد، والرقعة تتسع، والسيل قد بلغ الزبا، فماذا بعد كل هذا؟! ماذا ينتظر هذا الشعب؟! هل سيقف مكتوف الأيدي ويشاهد كيف تضيع دماء الشهداء ودموع الأيتام وآهات الثكالى والأرامل؟! هل سينتظر صاعقة من السماء تضرب هذا الغشاء الوهمي كي يستفيق ويفتح عينيه على حقائق واضحة كانت في متناول يده كل تلك الفترة، والأعجب من هذا أنَّ حلولها كانت في متناول يده؟!
لا ننكر أنَّه لا بدَّ من وجود طاولة للمفاوضات، لكنَّنا ننكر أن نعول عليها جميع أحلامنا، ونعلق عليها أنظارنا في انتظار الخلاص.
إنَّ طاولة المفاوضات لا تكون قوية ذات كلمة مؤثرة إلا إذا كانت تستند لخلفية أقوى تمدُّها بالانتصارات والمعارك الشرسة، لكن كيف لفاقد الشيء أن يطالب به؟!
إنَّ المرحلة المقبلة لا تقل ضراوة عمَّا كان في السابق، لكن لن تقل الخسائر إذا عاملناها كما عاملنا المراحل السابقة…
وإعادة الكلمة إلى الداخل السوري لا تكون إلا بإعادة التقدم الذكي، وتحقيق أكبر نسبة من الانتصارات على الأرض…