نور الهلالي
لا أعرفُ كيفَ ومتى وأين وفي أي توقيت كان هذا.. ما أعرفهُ فقط إنّني هُنا، حالي كحال الكُثر من السوريين..
مُمتنةٌ فَرِحةٌ رُبما سعيدة لقدرٍ جمعني وأحالَ بي بأرضٍ طيبة ولغة كنتُ اسمعُها في مسلسلات الظهيرة في ذلك العام البعيد كُل البعد عن الحرب..
لطالما انتميتُ إلى حضارةٍ قدّمت أبجديتها الأولى للعالم أجمع، ولعلَّ هذه الفكرة لا تراود الكثير من السوريين في المهجر، بسبب انشغالهم وتمسُّكهم بمبادئ جديدة تُعينهم على حياة تَمنّوها، واكتساب لُغة لا يمتّون لها بِصِلة بل من أجل العيش فقط..
حيث نجد في هذه المقاربة عدم اصطدام بالواقع الحالي وإنما تشابه بابتكار أبجدي سوري من نوع مُغاير في “تركيا” تحديدًا
حيث يستخدم أغلب السوريون كلماتٍ عربية مُتشابهة للتركية بالاعتماد على معرفتهم بوجود قواسم مشتركة بين اللغتين، لسهولة التواصل مع الطرف الآخر وأحيانًا الإنجليزية التي ينفُر منها بعضُ الأتراك، بالإضافة لحركة اليدين والإشارات وإيماءات العيون نادرًا…
اعتماده على ما ذكرت طغى لا اراديًا عن رغبة التعلّم وبدأ بتضاؤل القوة التي صمم عليها بناء ما تيسر لهُ بعيدًا عن وطنه بإنشاء جسرٍ لِلُغةٍ جديدة..
لكنَّ السؤال هُنا متى سُيُبنى هذا الجسر ويتم العبور عليه الى الضفّة الأُخرى!.
من خلال بحثي السابق في هذا الموضوع وجدتُ أنَّ مُعظمنا هُنا وعلى الرغم من وجود البعض منذُ سنوات عِدّة لم يتمكن من اللغة بشكل كامل واكتفائه وبرأيي السبب يعود لعدم الاستقرار الملحوظ لدى الكُثر…
وعلى الرغم من توفر الخدمات التعليميّة للسوريين في مختلف ولايات تركيا و “بالمجان” وسهولة التعامل والمساعدة على اكسابهم اللغة، لم تُثمِر جهودهم بنتيجة..
هل هذه المُعضلة تعود إلى عدم استقرارنا حقًا أم إلى تمسُكِنا بلغتنا الأم؟
من منظورٍ آخر نرى الكثير من الشبّان والشابات يسعَون للحصول على مقاعد دراسية في جامعاتٍ شرطها إتقان اللغة والخضوع لاختبارات دقيقة والقليل منهم من يحظى بتلك المقاعد عِلمًا أنّها للجميع، والبعض الآخر يسعى بالبحث عن جامعات تتوفر فيها اللغة العربية للتهرب من دراسة اللغة الأخرى، واختصار الوقت الطويل..
وبعد القرارات الأخيرة بإغلاق المدارس السورية ستتشكل ظاهرة طمس لِلُغتنا العربية في أغلب الولايات. بسبب الدمج الذي سيحصل بين الطلبة وسيكون تأسيسهم منذ البداية أمراً جيداً فحينها كُل ما ذكرتهُ سيُصبح اعتياديًا أمام طمس العربية للجيل الجديد.