بقلم: جاد الحقمن منَّا لا يعرفه؟ من منَّا لم يصادفه؟أبو العرّيف لفظة عامية توصّفُ المتحذلق الذي يعرف كل شيء عن كل شيء، وهو حقيقة لا يفقه شيء عن أي شيء!!!أبو العرّيف ليس وهمًا أو أسطورة، بل هو حقيقة من لحم ودم وتدبّ على الأرض، قد تجده في شخصيات كثيرة، قد يكون منظرا سلفيا جهاديا، يجلس في دولة ” كافرة ” لم يجاهد بحياته أو يرى ساحة جهاد، ومع ذلك يعطينا محاضرات عن الولاء والبراء والحاكمية لله، ويصنف فصائل المجاهدين إلى أصحاب يمين وأصحاب شمال.قد يكون صاحب بسطة خضراوات، لم يمسك سلاحا بحياته قط، ولم يمارس نشاطا سياسيا ألبتة، لكنَّه يعرف بالسياسة والعسكرة أكثر من السياسيين والعسكريين، لكنه رجل متواضع لا يحب الشهرة، إضافة إلى نَّ الانتهازيين والمتسلقين وحزب أعداء النجاح دائما يحفرون تحته حتى يبعدوه عما يستحق من مناصب وتبجيل.قد يكون سبّاكا أميا، لكنَّه في الإعلام يفهم أكثر من أحمد منصور وفيصل القاسم.قد يكون قائد فصيل عسكري ثوري له اسمه، أو رئيس مجلس مدينة أو حي، أو ناشط إعلامي أو إغاثي، أو فلاح بسيط، أو عامل متواضع، وقد لا يكون أي شيء على الإطلاق!!، لكن هذا لا يمنع من كونه يفهم بكل شيء، ويجب أن يتحدث، وواجب على الناس أن تصغي، وفرض على أهل الاختصاص والخبرة أن يخرسوا ويتعلموا.الميزة الوحيدة لأبي العرّيف هي الثقة بالنفس، فهي ثقة رهيبة تصل إلى حد الوقاحة والجنون، ففي العسكرة هو أستاذ روميل وابن الوليد، وفي الطب هو جالينوس وابن سينا، وفي الفقه هو صاحب مذهب فقهي، وعلمه يفوق علم أصحاب المذاهب الأربعة مجتمعة، وفي العربية هو عملاق نسبة للقزم سيبويه، وفي الإنكليزية يتعلم منه شكسبير، وفي البرمجة ستيف جوبز و بيل جيتس يتنافسان للحصول على كرّاساته، و هكذا هو أبو العرّيف في كل عرس له قرص، و من أي ناحية نقرته تراه يرن.أبو العرّيف حلّال أكبر مشكلة بثوانٍ، يقعد في تركيا ويطرح المبادرات الرائعة لحل الخلاف بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، يتمشى في هايد بارك ويعطي حلولا لتوحد الفصائل، يستلقي في ألمانيا ويجود على الثوار بأروع الخطط العسكرية لتحرير الريف الجنوبي والشمالي وجبل الأكراد والتركمان، بل والجولان إذا أرادوا، فأبو العرّيف متعدد المواهب، ويستطيع تحكيم أكبر مباراة بين برشلونة و ريال مدريد، بمجرد سماعها على الراديو.أبو العرّيف بشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ” إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ” قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: ” السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ “.وجود أبو العرّيف ضروري في الحياة، لكن كالملح، القليل منه يعطي الطعم، والكثير يحيل الحياة مرّة كريهة، لذلك أخي المواطن (يرحم أبوك لا تصير أبو العرّيف، خاصة يلي برا سورية، يا أخي استمتع بحياتك ودع الخلق للخالق، شكر الله سعيك، لهون و حاااااااج).