عبد الحميد حاج محمد |
مع تدهور الوضع الإنساني في الشمال المحرر، وافتقار الساحة للمنظمات والجمعيات التي تهتم بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة، وارتفاع نسبتهم بشكل ملحوظ نتيجة الحرب ونتيجة عمليات التهجير القسري التي انتهجها نظام الأسد، أطلقت منظمة (كود دايز) برنامجًا يحمل اسم “أراكم ببصيرتي” يهتم بالمكفوفين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
(فؤاد الديك) مدير البرنامج يتحدث لحبر عن البرنامج بقوله: “البرنامج أطلقناه حديثًا ومايزال في البدايات من ثلاثة أشهر تقريبًا، ويضم كافة النشاطات التعليمية والرياضية والتنموية والمهنية التي تخص المكفوفين.”
عمل البرنامج في مجال تعليم المكفوفين على لغة (برايل) الخاصة بهم، وقد أقيمت أكثر من دورة في هذا المجال استهدفت عشرات المكفوفين في مناطق متفرقة.
يقول (عدنان الوكيد) أحد المشرفين على برنامج أراكم ببصيرتي: “جوانب البرنامج متعددة (رياضية، اجتماعية) وأنا عملت في الجانب الرياضي والتعليمي، حيث أقمنا دورات العصا البيضاء لتعليم المكفوفين في المشي باستخدام العصا، وقد أقيمت الدورة في أكثر من منطقة، وكانت آخر مرة الأسبوع الماضي في مدينة أعزاز، حيث أقمنا الدورة وقدمنا لكل متدرب عصا هدية.”
لم يكتفِ برنامج “أراكم ببصيرتي” والقائمون عليه بالتدريب والتعليم وحسب، بل اهتموا بالجانب الرياضي، فتم تدريب المكفوفين على عدة ألعاب منها كرة الجرس
يقول الوكيد: “أنا كنت مدرب فريق سورية للمكفوفين سابقًا، والمكفوف جزء من عملي، وقد دربنا المكفوفين على لعبة كرة الجرس، وهي لعبة دولية شهيرة وأصبح عندنا اليوم فريق يباهي الفرق العربية الأخرى، وأقمنا بطولات وشاركنا في مهرجانات في عدة مناطق في الشمال المحرر.”
وبعد لقائنا لعدة متدربين في البرنامج وصفوا لنا شعورهم بعد معرفتهم أن هناك ألعابًا خاصة بهم لم يكونوا يومًا يعتقدون بوجودها أو أنهم يستطيعون القيام بعمل أو نشاط وهم مكفوفون.
(عبد الرحمن نعنع) أحد الأطفال المكفوفين المستفيدين من التدريبات يقول لنا: “تدربنا على لعبة كرة الجرس، واستطعت بعدها المشاركة في عدة بطولات في المناطق المحررة، وشاركت بدورة (برايل) وأتقنتها، ونحاول مع المركز نشر لغة برايل أكثر ليتعرف العالم على لغتنا ورياضتنا.”
ويتابع بحديثه لنا: “تعلمت السباحة مع الأستاذ (عدنان) من خلال البرنامج، وشعوري لا يوصف، حيث إني تعلمت على ألعاب لم أعتقد أنها موجودة لنا.”
أطلقت المنظمة مؤخرًا من خلال برنامج (أراكم ببصيرتي) قبل أيام مشروعها الخدمي الأول للمكفوفين وهو (كساء الشتاء) حيث يستهدف المكفوفين وعائلاتهم ويؤمن لهم اللباس بالمجان.
(حاتم شعار) مسؤول المشروع يقول: “هدف المشروع تأمين اللباس الشتوي الأهم بالنسبة إلى المستفيد، وسيحصل كل مستفيد على بطاقة بعد تسجيله في مكتبنا تحوي على معلومات وبيانات خاصة بالمستفيد وتكون بطاقته حسب عدد أفراد العائلة ويتم صرفها في مركز التوزيع وتشمل ألبسة لجميع أفراد العائلة.”
وينطلق مشروع (كساء الشتاء) في الخامس عشر من كانون الأول، ويستمر حتى شهر ونصف في مدينة إدلب، ويشمل جميع المكفوفين في كل المناطق الريف والمدينة.
(أراكم ببصيرتي) يسعى إلى تطوير قدرات وتنمية مواهب المكفوفين من خلال الأنشطة التي يقوم بها بشكل دوري تحت إشراف خبراء في كافة المجالات، يقول الوكيد: “نعمل المستحيل لنصل لأكبر عدد من المكفوفين، وقد قمنا الأسبوع الماضي بتقديم تدريبات في مدينة أعزاز، ورغم كل الدعم الذي يدخل إلى المدينة إلا أن المكفوفين يعيشون في حالة نقص وحرمان داخل المدينة وهذا ما يؤثر عليهم.”
في حين يخبرنا (فؤاد الديك) مدير البرنامج بأنه “هناك الكثير من الأمور والمشاريع التي سيعملون عليها مستقبلاً، أهمها الدورات والتدريبات التي تساعد المكفوفين على الاستمرار في الحياة وعلى إخراجهم من الإعاقة، كالمشاريع التنموية والدعم النفسي.”
يبقى ذوو الاحتياجات الخاصة الأشد حاجة للمساعدة؛ كونهم أكبر خاسر في هذه الحرب التي أثرت سلبًا عليهم وحرمتهم الكثير من الحقوق، إلا أن هناك من يسعى لتنمية قدراتهم وتأهيلهم حتى يكونوا فعالين في المجتمع بعيدًا عن مؤسسات الأسد التي لم تقدم لهم شيئًا.